شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح كتاب دليل الطالب لنيل المطالب
93770 مشاهدة
أحكام النفاس

...............................................................................


بقي ما يتعلق بالنفاس: المرأة إذا حملت انصرف الدم لغذاء الجنين، وغالبا أنه يبقى منه زيادة؛ هذه الزيادة تحتبس في الرحم الزيادة على غذاء الولد؛ يتغذى مع سرته فيبقى عادة دم؛ فإذا ولدت فهذا الدم الذي في الرحم ترخيه الرحم أياما متتابعة.

يقولون: لا حد لأقله. بعض النساء تطهر بعد الولادة بيوم أو بعشرة أيام، وقالوا: أكثر ما وجد أربعون يوما. ولكن قد وجد أيضا بعض النساء يستمر معها إلى ستين يوما، ولكنه قليل. والغالب أن ما زاد على الأربعين يكون قليلا إما نقط يسيرة أو ما أشبه ذلك.
فمتى طهرت اغتسلت وصلت ولو بعد خمسة أيام. إذا طهرت بعد الولادة. بعض النساء تعتقد أنها لا صلاة عليها حتى تكمل أربعين يوما. وهذا خطأ. الواجب عليها أن تتطهر وأن تصلي. إذا طهرت انقطع الدم تغتسل وتصلي كالطاهرة؛ لأنه ليس معها دم يمنعها.
وأما وطؤها كره كثير من السلف أن يجامعها قبل الأربعين؛ ولو طهرت ولو صلت. والصحيح أنه لا كراهة. الذين كرهوا ذلك من باب التنزه. فلو مثلا أنها طهرت بعد عشرين يوما حل لزوجها الاستمتاع بها؛ لأنه ليس هناك مانع؛ لأن الله إنما منع من ذلك للدم في قوله: قُلْ هُوَ أَذًى وهذا الأذى قد انقطع.
متى يثبت أنها نفاس؟ الإسقاط هل يثبت لها حكم النفاس؟. الإجهاض. هنا يقول: يثبت النفاس بوضع ما يتبين فيه خلق الإنسان، وقالوا: أقل ما يتبين فيه واحد وعشرون يوما. يعني: إذا تجاوزت الأربعين الأولى نطفة، والثانية علقة، والثالثة مضغة. يبدأ في كونه مضغة في اليوم الحادي والثمانين، والغالب تسعون يوما ثلاثة أشهر.
فإذا وضعت بعد ثلاثة أشهر؛ فالغالب أنه قد تبين فيه خلق الإنسان، ولو أن يتبين الرأس وتتبين اليدان ولو كانتا لاصقتين في جنبه، والرجلان ولو كانتا ملتصقتين تبين فيه خلق الإنسان، فحينئذ تكون نفساء.
وأما إذا أسقطت في الشهرين؛ فهذا الدم الذي يكون معها ما حكمه؟ الصحيح أنه دم الحيض أنه يعتبر دم حيض؛ وذلك لأنها في هذه المدة انقطع الدم، ولما توقف الدم صار يحتبس؛ يحتبس في الرحم كغذاء للجنين. أسقطت بعد شهرين أو نحوه ويعمل معها ما يسمى بالتنظيف، فإذا أخرجوا ذلك الذي قد انعقد في الرحم ذلك الجنين، فنقول: في هذه الحال يخرج ذلك الدم؛ فإذا كان لونه لون الدم؛ دم الحيض وكثرته ورائحته فإنه دم حيض.
بعض العلماء يقول: لا حكم له ويجعل دم استحاضة عليها أن تصلي وتصوم وتتطهر لكل صلاة وتحل لزوجها. ولكن الاحتياط أنه دم حيض فلا يجامعها زوجها حتى ينقطع أو حتى تمضي مدة الحيض التي هي خمسة عشر يوما أكثر شيء؛ أكثر مدة الحيض خمسة عشر يوما كما سمعنا.
إذا طهرت في الأربعين؛ فإن هذا الطهر تصلي فيه؛ فإن عاد عليها فإنها تترك الصلاة.
يحدث هذا لكثير من النساء. يستمر معها الدم مثلا عشرين يوما ثم ينقطع عنها يومين، ثم يعود وتسميه كسرة كسر عليها يعني: رجع. هذان اليومان التي طهرت فيهما تصلي. لو تركت الصلاة نأمرها أن تعيد، وإذا صامت فيهما فلا تقضي.
وإذا عاد إليها فالصحيح أنه دم نفاس، ولو تكرر ذلك. لو مثلا طهرت يوما وعاد عليها يوما، ثم طهرت يوما وعاد عليها يوما؛ وهكذا ترى يوما طهرا ويوما حيضا؛ فإن الدم الذي تراه يعتبر نفاسا أو حيضا إذا كان في أيام الحيض. يكره وطؤها قبل الأربعين. هكذا قال، وروي ذلك عن بعض الصحابة. ولكن إذا أبحنا لها الصلاة فإنها تصلي وتحل لزوجها على الصحيح.
إذا وضعت ولدين. يعني: توأمين قد يكون بينهما مدة. متى تبدأ الأربعون؟ من الأول. لو قدِّر مثلا أنها وضعت الأول في أول الشهر، ووضعت الثاني بعد عشرين يوما؛ ففي هذه الحال مبدأ الأربعين أول الشهر؛ أول وضع التوأم الأول. إذا تمت أربعين بعد وضع الأول اعتبرت قد انتهت مدة النفاس . الأربعون على القول بأنه لا يتجاوز أربعين يوما، ولكن القول الثاني أنه يعتبر ما زاد على الأربعين يعتبر دم نفاس؛ إذا كان لونه كلون الدم. بعض النساء تستمر إلى شهرين ومعها هذا الدم وإن كان غالبا أنه يتغير. يقول: لو كان بين التوأمين أربعون يوما لا نفاس للثاني؛ بل تصلي فيه؛ تصلي ولو كان معها دم على ذلك القول.
.. شهوة ويحتاج إلى ما يخففها؛ فهل يجوز أن يشرب دواء يخفف عنه الشهوة؛ يمنع ميله إلى الجماع سيما إذا كانت امرأته مثلا نفساء؟ يجوز ذلك. يعني أن يتعاطى ما يكسر حدة الشهوة منه؛ لأنه حق له.
كذلك المرأة هل يجوز لها أن تشرب دواء لأجل قطع الحيض أو لأجل إيقافه أو لأجل وجوده؟ قد يتوقف مع بعض النساء الحيض، ولا شك أن توقفه يعتبر مرضا؛ ذلك لأن هذا الدم إذا خرج فإنه دم يخرج من أماكن؛ فإذا توقف فقد يحدث لها مرضا فتعالج نفسها حتى يرجع إليها ذلك الدم. أو كذلك إذا كثر معها تعالج نفسها حتى ينقطع لا بأس بذلك. وبهذا انتهى قسم الطهارة مقدمة كتاب العبادات. والله أعلم.
أسئـلة
س: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ. يقول هذا السائل: شيخنا؛ لوحظ من خلال شرحكم لهذا الكتاب تمشيكم مع قول المؤلف في كثير من المسائل؛ مثل مسألة الدم والقيء إذا فحش ينقض الوضوء، ومسألة أن التيمم يبطل بخروج الوقت ومع زوال المبيح، ومسألة عدم طهارة الأرض بالشمس والريح، وغير ذلك من المسائل. فهل هذا دليل على أنه اختياركم أم هو شرح وتوضيح لرأي المؤلف؟
نقول إن هذا هو الذي يترجح عندنا؛ وإن كان هناك من يرجح الأقوال الثانية. ولكل مجتهد نصيب. ولا نعتب على من خالف ما قاله المؤلف، واختار قولا ثانيا.
س: أحسن الله إليكم. وهذا يسأل عن متى استئناف دروسكم في جامع الراجحي بشبرا ؟
فيه دروس صباحية ومسائية. الصباحية إن شاء الله لعلها تبدأ مع بدء الدراسة في المدارس. والمسائية يمكن أنها تتأخر بأسبوع أي: في الأسبوع الثاني بعد بدء الدراسة؛ وذلك لأن عندنا في الأسبوع الآتي دورة في المنطقة الشرقية وعندنا بعد ذلك في الأسبوع الذي هو أول الدراسة دورة بعد المغرب بمسجد التقوى، وبعد العشاء في مسجد أم ..
لمدة أربعة أيام.
س: أحسن الله إليكم. ذكرتم أن كفارة الوطء في الحيض دينار أو نصف دينار. فما مقداره بالريال السعودي؟
الدينار قطعة من الذهب تساوي أربعة أسباع الجنيه السعودي. إذا كانت أربعة أسباعه؛ فنقول: عليك أن تسأل عن صرف الجنيه السعودي؛ إذا كان صرفه مثلا سبعمائة ريال فأربعة أسباعه أربعمائة فتتصدق بأربعمائة أو بمائتين نصف الدينار.
س: أحسن الله إليكم. هل نزيف الدم الخارج من الأنف يبطل الوضوء؟
نعم الرعاف يبطل الوضوء إذا كان كثيرا، أما نقط يسيرة ما تبطل.
س: أحسن الله إليكم. إذا كان الترتيب في التيمم فرضا؛ فكيف نحمل الحديث على أنه صلى الله عليه وسلم تيمم فضرب التراب بيديه، ثم مسح يديه بباطنهما ثم وجهه بكفيه؟
الصحيح أنه مسح وجهه ثم مسح يديه يعني: رتب. هذا هو الصحيح.والرواية التي فيها أنه مسح أو بدأ بمسح يديه؛ لعله أراد بذلك تخفيف التراب أو نحوه.
س: إذا كان هناك مريض في المستشفى ولا يقدر على الوضوء ولا يوجد تراب. فماذا يفعل؟
إذا استطاعوا أنهم يدخلون له ترابا في بادية وصحن. وإذا لم يستطيعوا، أو كان مثلا لا يقدر على الحركة فله أن يتيمم ولو على السرير.
س: أحسن لله إليكم. هل هناك فرق بين الباطل والفاسد ؟
اصطلاح الباطل اصطلاحي؛ يقولون: الباطل الذي ما فيه خلاف؛ كنكاح المرأة في عدتها. والفاسد الذي فيه خلاف؛ كتزويجها نفسها. اصطلاح بينهما.
س: هل التيمم بدل من الماء أو مبيح فقط؟ الصحيح أنه بدل للماء، ولكن أنه يرفع الحدث رفعا مؤقتا؛ حتى يوجد الماء.
س: أحسن الله إليكم. هل الطعام الذي وضع فيه دهن من شحوم الإبل ينقض الوضوء؟
ما ينقض. الشحم والدهن لا ينقض الوضوء؛ أي: دهن الإبل أو شحمها؛ وذلك لأنه لا يسمى لحما إنما يسمى إداما.
س: أحسن الله إليكم. قلتم -حفظكم الله- أن من تيمم لسبب ثم زال ذلك السبب فإنه يعيد التيمم، ثم قلت: يجوز أن يصلي بتيمم وبتيمم واحد ما شاء من الفرض والنفل. فكيف الجمع ؟
مثاله إذا تيمم للجرح أو للصقة ثم أزالها؛ فإنه والحال هذه بطل تيممه لهذا الجرح؛ فعليه أن يتوضأ؛ لأن الجرح قد برئ أو الجبيرة. وأما إذا تيمم مثلا للظهر وصلى به فوائت أو نوافل فلا مانع من ذلك.
س: أحسن الله إليكم. من مسح يديه ثم وجهه فصلى فهل تقبل صلاته؟
معذور بالجهل أو بالاجتهاد يعني: إذا قدم يديه.
س: أحسن الله إليكم. صليت الفجر بعد أن اجتهدت في اتجاه القبلة حيث كنت في البر، وبعد الصلاة أُخبرت أنه كان يجب علي أن أتجه جهة اليسار؛ لأن الشروق أقبل من جهة اليمين؛ فهل أعيد صلاتي؟
إذا اجتهد المصلي في برية وأخطأ القبلة فلا حرج عليه ولا يعيد، وأما إذا كان في بلد في القرية فإنه يعيد. إذا صلى إلى جهة مغايرة لجهة القبلة؛ فإذا صلى إلى جهة الجنوب هنا أو الشمال أو الشرق يعيد؛ لأنه فرط حيث ما سأل.
س: أحسن الله إليكم. قلتم أحسن الله إليكم: إن الأرض لا تطهر بالشمس والجفاف، وقد ورد في الأثر أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان يمشي في الحج بمنى حافيا على الدماء اليابسة ولا يغسل رجليه إذا دخل إلى الصلاة.
إن كانت رجلاه قد يبستا لأن الرجل تيبس من أول ما تقع على الأرض ما يكون فيها رطوبة. فعلى هذا لا يكون دليلا على أنها ليست نجسة، الدماء.
س: كثير من الإخوة يسأل عن حكم الأناشيد الإسلامية، وهل تجوز؟
إذا كانت يعني نشيدا عاديا ليس فيه تلحين ولا تغنٍّ ولا تغنج فلا بأس، لكن كثير من هذه الأناشيد أصبحت كأنها الغناء يلحنونها يتمايلون فيها ويمدونها؛ نرى أنها ملحقة بالأغاني.
أحسن الله إليكم. والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد .