اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شرح كتاب دليل الطالب لنيل المطالب
79525 مشاهدة
المسح على الجوارب

...............................................................................


لم يتكلم على الجوارب. الجورب في المسح عليه خلاف فذهب الإمام أحمد إلى أنه يجوز المسح على الجوارب، وخالفه في ذلك العلماء فمالك والشافعي وأبو حنيفة لا يبيحون المسح على الجوارب ويمنعونها .
الجوارب عبارة عن رقعة من جلد تجعل كأنها نعل رقعة واحدة ثم ينسج فوقها نسيج من قطن أو من صوف، ثم ذلك النسيج يجعل كالكيس تدخل فيه القدم، ثم بعد ذلك يشد على ظهر الساق أو فوق الساق. هذا هو الأصل في الجورب .
ثم إنهم في هذه الأزمنة ظهر ما يسمى بالشراب وسموه جورب وأباحوا المسح عليه. إذا عرفنا أن الخلاف في الجوارب قديم فإن الخلاف في هذه الشراب أقوى وأشد احتياطا؛ وذلك لأن الجوارب القديمة تنسج من الصوف الغليظ فلا تصف البشرة بل تكون غليظة
متينة يقولون: إنه لا يخرقها الماء يعني: غلظها مثل غلظ هذه الفرش التي تفرش في المساجد بحيث أنه يمشي عليها وحدها. تقهها هذه الرقعة التي من الجلد تحتها ثم يمشي، وهذه الرقعة ما تسمى نعلا ولكنها تدل على أنهم كانوا يمشون فيها وحدها ولا يلبسون معها ما يسمى بالكنادر ولا ما يسمى بالبسطار أو الجزمات أو نحوها وإنما كانوا يلبسونها وحدها تحتها قطعة من جلد، وهي من صوف غليظ لا يخرقها الماء ربما أنه يخوض بها في الماء ولا تترطب قدمه؛ فلذلك كانوا يجتهدون ويجعلونها غليظة، فأما هذه الشراب فإن كانت غليظة يعني متينة بحيث أنها تحصل بها التدفئة فلا مانع من المسح عليها، ولو احتاج أن يلبس تحتها نعلا أو خفا لكن لا بد أن تكون غليظة متينة. تساهل كثير من الناس وصاروا يلبسونها ويمسحون عليها وهي خفيفة يخرقها الماء بسهولة نقول: إذا كانت خفيفة فيلبس فوقها أخرى. يلبس اثنتين لتكون الاثنتان يحصل بهما التدفئة، ويحصل بهما الغلظ بحيث لا يخرقها الماء الخفيف ونحوه؛ فلذلك اشترطوا عدم وصفهما البشرة؛ لأنه لا يكون ساترا لمحل الفرض .