تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
133067 مشاهدة print word pdf
line-top
عبودية نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام-

...............................................................................


وهكذا أيضا ما ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جاءه بعض الأعراب، لما رأوه هابوه، واقشعرت قلوبهم، ورأوا أنه ليس من جنس الناس؛ فتواضع لواحد منهم، وقال: إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد من باب التواضع، القديد: هو اللحم المجفف، كانوا يقددونه، يعني: يقطعونه شرائح، ثم ييبس، ثم بعد ذلك يطبخونه، ويأكلونه، ويسمونه قديدا. يعني: أنه من أنزل اللحوم؛ ومع ذلك تأكله! يعني: أنا ابن امرأة من قريش، لست ملكا، ولست إلها.
ولما جاءه بعض أصحابه، وأرادوا أن يرفعوا مجلسه قال: إنما أنا عبد، أجلس كما يجلس العبد، وآكُلُ كما يأكل العبد هذا -أيضا- تواضع منه، ما يحب أنهم يعتقدون فيه شيئا يرفعه عن طوره الذي هو العبودية؛ فإنه بشر، خصه الله -تعالى- بالوحي، أنزل عليه الوحي؛ ليكون بذلك رسولا؛ وليكون نذيرا: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا خصه الله بأن أنزل عليه الوحي، ومَيَّزَهُ بذلك؛ وإلا فإنه عبد! وهو -أيضا- يدعو الناس إلى عبادة ربه، يقول: أيها الناس! اعبدوا ربكم، قولوا: لا إله إلا الله، لا تصرفوا شيئا من الإلهية لسواه؛ فإنه هو الإله الحق، وما سواه لا تصلح له الإلهية. فإذا كان هذا حال محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ مع ما فَضَّلَهُ الله به: أنه عبد، وأنه ليس بإله.

line-bottom