إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
112592 مشاهدة print word pdf
line-top
الاستغاثة

...............................................................................


الاستغاثة عبادة -أيضا- لا يجوز أن يستغاث بغير الله.
والاستغاثة: هي الدعاء من المكروب. إذا وقع في كرب وشدة ثم دعا الله ففي تلك الحال يسمى دعاؤه استغاثة، قال الله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ وكان ذلك في غزوة بدر لما جاء المشركون بحدهم وحديدهم وقوتهم وأعداد كثيرة مثلُ المؤمنين ثلاث مرات، ومعهم العدة، ومعهم الأسلحة القوية، فعند ذلك وقع المسلمون في كرب، فدعوا الله -تعالى- دعاؤهم في تلك الحالة يسمى دعاء استغاثة؛ لأنه دعاء مكروب.
وقد ورد -أيضا- في حديث: أنه كان منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هذا المنافق. فقال -صلى الله عليه وسلم- إنه لا يستغاث بي؛ وإنما يستغاث بالله رد الأمر إلى أهله -أي- الاستغاثة الحقيقية بالله؛ فاستغيثوا به فهو الذي يغيثكم -يعني- يزيل الشدة، ويفرج الكرب، ويزيل الهم الذي وقعتم فيه، فلا تخافوا إلا الله وحده، وادعوه وحده.
ثم قد تجوز الاستغاثة بالمخلوق إذا كان حيا قادرا على أن يغيث من استغاث به، والدليل قوله تعالى: في قصة موسى في سورة القصص: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ استغاثه -يعني- أنه طلبه أن يغيثه لما وقع في كرب وشدة، فطلب منه وقال: أغثني يا موسى . فالاستغاثة بمعنى: أن يستعين به لينصره على من غلبه. فمثل هذا لا حرج فيه إذا كان قادرا، وأما قوله : إنه لا يستغاث بي فأراد أن يرد الأمر إلى عالمه، إلى من هو أهله وهو الله -تعالى- وأن لا يستعمل مثل هذه الكلمة؛ ولو كانت جائزة.
وبكل حال.. فإن الاستغاثة عبادة، كما أن الاستعانة عبادة؛ لقوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فهي من جملة العبادات؛ ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله أي: استعن بالله وحده. وهكذا جميع أنوع العبادة كلها لله -تعالى-؛ فلا يصرف منها شيء لغير الله، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل؛ فضلا عن غيرهما.
فالحاصل.. أن المشركين الذين كانوا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- كانوا يصرفون مثل هذه الأشياء لغير الله، فكفّرهم. ثم إن مشركي زماننا كذلك أيضا يدعون الأموات ويرجونهم ويستغيثون بهم ويستعينون بهم ويهتفون بأسمائهم ويتبركون بهم ويتمسحون بترابهم، فصاروا مشركين، وصاروا مماثلين للمشركين الأولين الذين وقعوا في هذا الشرك، فحلت في ذلك دماء الأولين وتحل في ذلك دماء الآخرين المصرين على هذا الشرك، إذا دُعُوا وبين لهم فأصروا واستكبروا.
بقية هذا البحث نكمله يوم السبت وما بعده -إن شاء الله-.

line-bottom