إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
90507 مشاهدة
عبودية سيدنا عيسى -عليه السلام-

...............................................................................


وكذلك حال عيسى ؛ مع ما فَضَّلَهُ الله به، وما مَيَّزَهُ بالآيات: بأنه يُكَلِّمُ الناس في المهد، ومن أنه يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ والأبرص، ويحيي الموتى، ويخلق من الطين كهيئة الطير؛ فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله، ويخبرهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم، مما يُطْلِعُهُ الله عليه؛ ومع ذلك لم يخرج عن أن يكون عبدا! كما اعترف على نفسه، وهو طفل أول ما كلم به قَوْمَهُ قال: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا عبد الله.. اعترف بأنه عبد الله. ومن المعلوم: أن العبد: هو العابد. أي: عابد، ومملوك، وعبد، وذليل لربي. فلا ينبغي أن يُرْفَعَ فوق قدره.
وهكذا يقال في بقية الأنبياء.. أنهم جميعا بشر، لا يصلح أن يُصْرف لهم شيء من أنواع العبادة التي هي خالص حق الله.