تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
الجهل بمعنى التوحيد وعواقبه الوخيمة
<مسألة نوع=أصولية> ...............................................................................
يقول: إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على جهالة أكثر الناس بهذه الشهادة.
يعني: أن هناك أحاديث كثيرة تُوَضِّحُ معنى هذه الشهادة، وأن أكثر الناس-الذين في زمان المؤلف- يجهلون هذه الشهادة.
أما الكفار: الذين في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنهم يعلمون معنى لا إله إلا الله؛ ولذلك في الحديث الذي في الصحيح، لما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> يا عمُّ، قل: لا إله إلا الله.. كلمة أحاجُّ لك بها عند الله متن_ح> رسم> كان عنده بعضٌ مِنَ المشركين، فقالوا له: أترغب عن مِلَّةِ عبد المطلب اسم> ؟ يعني: أن عبد المطلب اسم> كان له آلهة، كان يعبد عددا من الآلهة، فعرفوا أنه إذا قال: لا إله إلا الله. أبطل إلاهية تلك الآلهة: كالْعُزَّى، ومناة، واللات، وهُبَل، وغيرها من المعبودات التي كانوا يعبدونها، يعرفون أن كلمة لا إله إلا الله تُبْطِلُ ما جنت عليه عباداتهم، وتَرُدُّ عليهم، فعند ذلك.. ذكَّروه هذه الحجة التي هي تقليد الآباء، الحجة الملعونة! حجة المشركين الذين يقولون: رسم> إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ قرآن> رسم> .
أما أهل زمان المؤلف؛ فإنهم يقولون: لا إله إلا الله؛ ولكن يجهلون جهلا كبيرا -جهلا مُرَكَّبًا، أو جهلا بسيطا-؛ فيجهلون معنى: لا إله إلا الله، ويعتقد كثير منهم أنَّ مَنْ قال: لا إله إلا الله بلسانه فإنه يكون قد آمن، وقد وَحَّدَ الله؛ ولو أشرك؛ ولو عبد غَيْرَ الله.
فجهلوا أَوَّلًا: معنى الإله الذي في كلمة: لا إله إلا الله. وجهلوا ثانيًا: معنى الشرك الذي هو: صرف شيء من العبادة لغير الله. وجهلوا ثالثًا: معنى العبادة التي هي: خالص حَقِّ الله –تعالى-. وكذلك معنى الدعاء الذي هو شِرْكٌ كما أخبر الله -تعالى- بذلك.
وإذا قرءوا القرآن، وفيه الآيات التي فيها النَّهْيُ عن دعاء غير الله، وعَنْ عبادة غير الله، يقولون: نحن لا نعبد إلا الله، ونحن لا نُشْرِكُ بالله شيئا، ونحن ليس لنا إله إلا الله!. وهذا جهل!؛ وإلا فإنهم قد جعلوا تلك المعبودات آلهة؛ وإن لم يُسَمُّوها آلهة؛ فعندهم القبور التي رفعوا بناءها باعًا أو باعَيْنِ، ثم شَيَّدُوها من بالجص ونحوه، ثم إذا جاء الليل أسرجوا عليها سُرُجًا طوال الليل، ثم إنهم يأتون إليها، ويُصَلُّون عندها، ويَدَّعُون أن الصلاة عندها أفضل من الصلاة في المساجد، ويدَّعُون أن ذلك المقبور يَتَسَبَّبُ في قبول صلواتهم، وفي رَفْعِها، وفي مُضَاعَفَةِ أجرها. وكذلك أيضا يَدْعُون أصحابها دعاءً واضحا، وهذا هو المُشاهد، والمشهور.
فذُكِرَ عن المؤلف -رحمه الله- كان في بلدة العيينة اسم> قبر، يقولون: إنه قبر زيد بن الخطاب اسم> أخو عمر اسم> ما ظهر هذا القبر إلا يمكن في القرن العاشر! جاءهم مَنْ وسوس لهم، وقال: زيد بن الخطاب اسم> قُتِلَ في حرب اليمامة اسم> فالتمسوا له قبرا، فجاءهم إنسان، وقال: هذا هو قبره؛ مع أن الذين دُفِنُوا في اليمامة اسم> وقُتِلُوا خمسمائة من الصحابة الذين قتلوا، واشتبهت قبورهم، كلهم دُفِنُوا ولم يُدْفَنوا في مكان واحد.
فمن الذي أدراكم أن هذا قبر زيد اسم> ؟! ثم إذا قُدِّرَ أنه قبر زيد اسم> فهل زيد اسم> يملك لنفسه نفعا أو ضَرًّا؟ كلا، لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا.
فذكروا أنه إذا خرجوا إلى القبر، وصاحوا: يا زيد اسم> يا زيد بن الخطاب اسم> اشفع لنا. يا زيد بن الخطاب اسم> ارحمنا! يا زيد بن الخطاب اسم> أغثنا! اقبل دعاءنا! فكان يقول -وهم يسمعون- الله خير من زيد اسم> الله أقرب من زيد اسم> الله أكرم من زيد اسم> الله أسمع من زيد اسم> الله أجود من زيد اسم> ولا يقدرون أن يقولوا: كذبت؛ لأنهم يعلمون أن الله -تعالى- رب زيد اسم> وَرَبُّ كل الخلق. ففعلهم هذا.. يدَّعون أنه ليس عبادة! يقولون: ما عبدنا زيدا اسم> ودعاؤنا هذا ليس عبادة.
جهلوا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> الدعاء هو العبادة متن_ح> رسم> وقرأ قول الله تعالى: رسم> وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ قرآن> رسم> فبدأ الآية بـ: رسم> ادْعُونِي قرآن> رسم> وختمها بـ رسم> عِبَادَتِي قرآن> رسم> يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي أليس هذا دليل على أن الدعاء عبادة؟ بلى، إنه واضح أن كل من دعا غير الله فقد عبد ذلك الْمَدْعُوَّ؛ ولو سَمَّى دعاءه ما سَمَّاه!
فنحن نقول: إنه شرك؛ ولو سميتموه تَوَسُّلًا، وتَكَرُّمًا، وتَبَرُّكًا، واستشفاعا. وإن هذا الذي تدعونه إله؛ ولو سميتموه سيدا؛ ولو سميتموه وليا؛ ولو سميتموه مَشْهَدًا!! سموه ما شئتم، فقد وقعتم في الشرك -شئتم أم أبيتم-؛ إنه إله اتخذتموه إلها مع الله، ولا يبيح لكم هذا الفعلَ.. كونُكُم غيرتم الأسماء إلى هذه المسميات؛ فإن العبرة بالْمُسَمَّى لا بالاسم, العبرة بالحقائق لا بالأسماء.
فَهُمْ لما سموا تلك القبور مشاهد زَيَّنَ لهم الشيطان التَّعَبُّدَ عندها، وقال: سموها مشاهد، ولا تسموها آلهة، وسموا أفعالكم تبركا، ولا تسموها عبادة؛ لأن العبادة لا تصلح إلا لله، وسموه توسلا، ولا تسموه تذللا. فغيروا الأسماء، ووافقوا المشركين الأولين موافقة كُلِّيَّةً كاملة، وهم يحسبون أنهم على حق.
مسألة>