إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
90519 مشاهدة
تصور المريد للولي

...............................................................................


يذكر لنا بعض الإخوة أن عندهم مثل هذا الولي، إذا تزوج أحد بامرأة؛ فإن عليه قبل أن يدخل بها أن يرسل بها إلى ذلك الولي، وتبيت معه ليلة مع الولي، ويطؤها ذلك الولي ليزيل بكارتها!! قبل أن يدخل بها زوجها؛ ليحصل بذلك الزوج على البركة!! يتبرك بأن مسها الولي قبله!! يُشَاهَدُ هذا في كثير من الذين يدعون أنهم على طريقة أهل السر والولاية.
فالإله عندهم -عند أهل زمان المؤلف- هو الولي الذي فيه هذا السر؛ سواء كان حيا أو ميتا، ففي حياته يَتَبَرَّكون به، ويتمسحون به، فيقولون: يا ولي الله! ادع لنا.. يا ولي الله! خذ بأيدينا.. أعطنا، هَبْ لنا..!! وقد لا يكون مسلما حقا؛ فإن كثيرا منهم -من هؤلاء- لا يصلون.. لماذا؟! يقولون: سقطت عنهم التكاليف!!
ذكروا أن أحدهم -أحد هؤلاء السادة- الذين يسمونهم سادة، وأولياء، وأصحاب سر، دخل المسجد يوم الجمعة، والناس يُصَلُّون؛ فبال في المسجد، ثم خرج، ولم يُصَلِّ؛ فتبعوه، وقالوا: هذا ولي!! هذا من الأولياء، هذا قد وصل، وصل إلى الرتبة العالية! لما أنكر بعض العامة عليهم، أو أنكر عليه، قال له خَوَاصُّهُمْ: هذا قد وصل، الشأن فِيَّ وفيك، نحن الذين لا نزال بعيدين!! أما هذا الذي وصل إلى هذه الرتبة؛ فإنه ولي من أولياء الله.
ثم يذكرون أن من خواص الولي إذا مات، ووضع على النعش فإنه من خَوَاصِّهِ -في نظرهم- أن الملائكة تحمله!! يوضع على الأكتاف ويقولون: إننا لا نحس بثقله.. حملته عنا الملائكة! يخيلون إلى أتباعهم أنهم لم يحملوه!! وهذا كله خيال؛ حتى يوهموهم أن هذا من أهل السر، ومن أهل الولاية، ثم بعد دفنه.. لا شك أنهم يعبدونه، ويَدْعُونه، ويصرفون له خالص حق الله، وإن لم يُسَمُّوه إلها، وإنما يسمونه وَلِيًّا، أو صاحب سِرٍّ.
ثم أصحاب هذا السر يَدَّعُون أنهم -هم وأتباعهم- مستغنون عن اتِّبَاع القرآن، وعن اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن لهم أحوالا.. هذه الأحوال هي التي أوصلتهم إلى الرفيق الأعلى؛ حتى لا يَقْبلوا كلام الله، ولا كلام الصحابة، ولا الأحاديث النبوية؛ وإنما يأخذون أسرارهم -في نظرهم-. وفي الأبيات المشهورة التي ذكرها ابن الْقَيِّم في إغاثة اللهفان ذكر قصيدة، أول ما يذكر منها قوله:
ذهب الرجـال, وجال دون مجـالهم
زُورٌ مـن الأوبــاش والْأَنْــذَالِ
زالوا بـأنهـمُ علـى آثـارهـم
ساروا .. ولـكن سـيرةَ الْبَطَّــالِ!
إلى أن قال:
إن قلتَ: قال اللـه, قـال رسوله
همزوك همـز المنكـر المتغالي
أو قلت: قد قال الصحابـة, والذي
تبعوهـمُ فـي القـول, والأفعـال
أو قلت: قـال الآل آل المصطفى
صلى عليـه اللـه أفـضل آلِ
أو قلت: قـال الشافعـي و مـالـكٌ
و أبو حنيفـة والإمـام العـالي
أو قلت: قـال صحابهم مِـنْ بعـدهم
فالكـل عنـدهـم كشـبـه خيـالِ
ما يقبلون شيئا من العلوم المأثورة، ثم قال:
ويقول: قلبـي قـال لـي عن سره
عن سِرِّ سري, عن صفـا أحوالـي!
عن حضرتي عن فكرتي عن خلوتي
عن شاهدي عن واردي عن حـالي!
عن صفو وقتي, عن حقيقة مشهدي
عن سِرِّ ذاتي, عـن صفـات فعـالي
دَعْوَى إذا حـققـتها ألـفـيتَهـا
ألقـاب زور لُـفِّـقَـتْ بـمحـالِ!
هذه حالتهم: قلبي قال لي عن سره!! حدثني قلبي عن ربي!! فأصحاب السر، وأصحاب الولاية غلا فيهم العامة، وسموهم أولياء، وصرفوا لهم خالص حَقِّ الله؛ ولكنهم ما تجرءوا على تسميته آلهة؛ بل سموهم أولياء وسادة، وسموهم أصحاب سر. هذا هو الإله عندهم. حقيقة الإله: التأله. هو ما تفعلونه مع هؤلاء الذين سميتموهم أصحاب سر، الذي يقول أحدهم: حدثني قلبي عن ربي:
ويقول: قلبـي قـال لـي عن سره
عن سِرِّ سري, عن صفا أحـوالـي!
فمثل هؤلاء كثروا في الأزمنة المتأخرة، ولما كثروا وصار لهم أتباع، صار أتباعهم يصرفون لهم العبادة من دون الله. هذا في هؤلاء الذين سموهم أولياء.