تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
80585 مشاهدة
عبد القادر الجيلاني

...............................................................................


وأما عبد القادر الجيلاني فإنه عالم من علماء الحنابلة، وتتلمذ على ابن الجوزي وتوفي في القرن السابع، وكان -أيضا- من الزهاد ومن العباد؛ إلا أنه لم يكن من أهل الحديث ولا من أهل العلم الصحيح، علمه يغلب عليه أنه علم إشارات ورموز، وأنه من المتصوفة ونحوهم.
انخدع به غلاة الصوفية، واعتقدوا فيه أنه يتصرف في الكون، وأنه يملك الضر والنفع، اعتقدوا فيه وكذبوا عليه أكاذيب لا تحصى، وصاروا مع ذلك يدعونه ويعبدونه في كثير من الآفاق في شرق البلاد وفي غربها، ليس في بلاده التي هي العراق ؛ بل في غيرها من البلاد، لما أنها اشتهرت تلك الحكايات عنه فصاروا يغلون فيه.
هو -بلا شك- عنده تقشف، وعنده زهد وعبادات، ويغلب عليه -أيضا- وصف أو يقرب من وصف الصوفية الذين عندهم شيء من الغلو في التصوف، قد وصل بعضهم إلى الحلول ووحدة الوجود.
ترجمه الذين طبعوا كتابه الغنية، ولما ترجموه كانوا من المتصوفة، فذكر في أول ترجمته أنه كان يقول: زل الحلاج زلة لم يكن في زمنه من يأخذ بيده؛ ولو كنت في زمنه لأخذت بيده. كأنهم يقولون: إنه على طريقة الحلاج و الحلاج هو الذي قتل في سنة ثلاثمائة وتسعة لما ادعى التصوف، وصدرت عنه إشارات تدل على أنه من أهل الوحدة، فحكم عليه أهل زمانه بأنه كافر، وحفظوا من كلماته مثل قوله: ما في الجبة إلا الله. يعني: يعتقد أنه هو الله، واعتقاده أن اللاهوت اتحد بالناسوت، كان من شعره قوله:
سـبحان مـن أظهـر ناسوتـه
صفـا سنا لاهوتـه الثـاقـب
حـتى بـدا مسـتترا ظـاهـرا
فـي صـورة الآكـل والشارب
-نعوذ بالله-. كذلك قوله -على ما حكوا عنه-
الـرب عبــد والـعبــد رب
يا ليت شعـري مـن المكـلف
وقيل: إن هذا لابن عربي.
إن قـلـت عـبـد فــذاك رب
أو قـلــت رب أنـى يكـلـف
وقوله:
وفـي كـل شـيء لـه آيـة
تـدل عـلـى أنـه عـيـنـه
يعني: أن كل شيء هو عين ذات الإله. فحكم العلماء بأن هذا ردة وكفر، وقتلوه، وله ترجمة طويلة في البداية والنهاية وغيرها، فيها حكايات عجيبة تدل على أنهم مبهرجون، عندهم من البهرج والكذب والتدجيل الشيء الكثير، فالذين يقولون: إن عبد القادر كان على طريقته، وأنه يقول: لو كنت بزمانه لأخذت بيده. هؤلاء على هذه الطريقة التي هي طريقة الوحدة -وحدة الوجود-.