إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
208290 مشاهدة
التفريق بين ذي الرحم في الرقيق


ومن ذلك: نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن التفريق بين ذي الرحم في الرقيق .


قوله: (ومن ذلك: نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن التفريق بين ذوي الرحم في الرقيق):
كذلك من المحرمات في البيوع التفريق بين ذوي الرحم وقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن التفريق بين المرأة وولدها فقال صلى الله عليه وسلم: من فرق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته ويكون هذا في المملوكة إذا كان لها ولد، فباع المملوكة في بلاد، وباع ولدها في بلاد أخرى، أو باع ولدها في طرف البلاد وباع أمه في طرف البلاد الآخر البعيد فتفرقا، فلا شك أنها ستحزن على فراق ولدها وتشفق عليه، وأنها ستتضرر لفراقه، وسيغلب عليها الرحمة والبكاء والرقة فلا تهنأ بعيش، فهذا البائع هو الذي أثم بتفريقهما.
وفي حديث آخر أن عليا - رضي الله عنه- دخل بأخوين طفلين أو شابين مملوكين، فباع أحدهما هنا، وباع الآخر هنا، ففرق بينهما، فلامه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: اذهب فاسترجعهما ولا تبعهما إلا جميعا وحيث كانا أخوين شقيقين، كل منهما يحب أخاه، ويشفق عليه، فلا يجوز أن تفرق بينهما.
ويستدل بحديث: من فرق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته فيدخل فيه- وإن لم يكن بيعا- الرجل الذي طلق امرأته ومعها ولد، وانتزع ولدها منها وهي تشفق عليه، وحجبها عنه وحجبه عنها، فإن ذلك داخل في الوعيد.