شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
208164 مشاهدة
ما يجب على ولي الصغير والسفيه والمجنون

ويجب على ولي الصغير والسفيه والمجنون: أن يمنعهم من التصرف في مالهم الذي يضرهم. قال تعالى: وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا النساء: 5 .
وعليه: ألا يقرب مالهم إلا بالتي هي أحسن من: حفظه، والتصرف النافع لهم، وصرف ما يحتاجون إليه منه.


حجر السفه
قوله: (ويجب على ولي الصغير والسفيه والمجنون: أن يمنعهم من التصرف في مالهم ... الخ):
الصغير والسفيه والمجنون لا يسلطون على الأموال؛ لأنهم يتلفونها ولا يعرفون التصرف، فلا يجوز أن يتصرفوا في المال، ولا أن يمكنوا في المال، فالمال له حرمة، فيجب على وليهم أن يمنعهم من التصرف الذي يضرهم، فالحجر عليهم من مصلحتهم؛ لأنه حفظ لأموالهم، والله تعالى يقول: وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا النساء: 5 فيؤمر الولي بأن يحفظ أموالهم حتى يبلغوا، فإذا بلغوا ورشدوا يقول الله تعالى: حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ النساء: 6 والرشد هو: حسن التصرف في المال، فإذا رشد وحسن تصرفه، وأصبح لا يسفه ولا يبذل المال في حرام ولا يشتري به ملاهي ولا يشتري به سفها ولا يسرف، فإنه أحق بماله.
الولي عليه أن يحفظ أموالهم بالتي هي أحسن: وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الأنعام: 152 فيحفظه ويتصرف فيه التصرف النافع وينميه وينفق عليهم منه ما يحتاجون إليه.