عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
208260 مشاهدة
طلاق الناسي والمكره

وفي حديث ابن عباس مرفوعا: إن الله وضع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه رواه ابن ماجه .


قوله: (وفي حديث ابن عباس مرفوعًا: إن الله وضع عن أمتي إلخ):
وفي رواية: رفع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه يستشهد العلماء بهذا الحديث كثيرًا، وفي هذه الرواية ضعف، ولكن له متابعات وشواهد، ويؤيده أيضًا قوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا البقرة: 286 وقوله تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ النحل: 106 فهذه الأدلة
تفيد أنه يصدق في الخطأ، فإذا قال لزوجته مثلاَ: أنت طالق، وقال: أخطأت، أردت أن أقول: أنت طاهر، وقامت بذلك قرينة، فإن خطأ اللسان يعفى عنه.
وكذلك إذا تكلم بكلام وهو ناس، فإذا حلف مثلا بالطلاق على عدم فعل شيء ثم نسي وفعل ذلك الشيء وهو ناس، فإنه يعفى عنه على القول بأن الطلاق يقع.
وأما الاستكراه: فإذا أكرهه من هو قادر على تنفيذ ما هدده به، وقال له: إن لم تطلق زوجتك فإني سأقتلك، أو سأقطع لسانك، أو سأحبسك حبسًا مؤبدًا، فاضطر إلى الطلاق خوفًا من الحبس أو القتل وهو يعرف أن الذي أكرهه قادر، كأن يكون له ولاية وله سلطة؛ ففي هذه الحال لا يقع الطلاق مع الإكراه ؛ لأنه مغلوب على أمره.

ومن ذلك ما روي أن رجلاً رأى مكان عسل في وسط جبل له قمة طويلة، فصعد رأس الجبل هو وامرأته وقال: امسكي الحبل حتى أنزل وآخذ من العسل، فلما تدلى نحو باع أو باعين قالت له: إن لم تطلقني سأترك الحبل وألقيك، وعرف أنها صادقة وجادة، فتلفظ بالطلاق، وذهب إلى عمر-رضي الله عنه- وأخبره بالقصة فردها عليه وقال: أنت أملك بها وهي زوجتك؛ لأن هذا شبه إكراه؛ لأنها لو ألقته من قمة الجبل لمات!!