إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
208346 مشاهدة
الأحق بالحضانة

وهي واجبة على من تجب عليه النفقة.
ولكن الأم أحق بولدها ذكرًا كان أو أنثى، إن كان دون سبع، فإذا بلغ سبعًا: فإن كان ذكرًا خير بين أبويه، فكان مع من اختار، وإن كانت أنثى فعند من يقوم بمصلحتها من أمها أو أبيها.
ولا يترك المحضون بيد من لا يصونه ويصلحه.


قوله: (وهي واجبة على من تجب عليه النفقة):
أي: على الأب فهو الذي يقوم بالحضانة ولكن الغالب أنه لا يتولاها ولكنه ينفق على من يتولاها، فإذا ماتت زوجته ولها أطفال وطلبت خالتهم أن تحضنهم فإنه ينفق عليها مقابل حضانتها لأولاده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: الخالة بمنزلة الأم .
قوله: (ولكن الأم أحق بولدها ذكرًا كان أو أنثى، إن كان دون سبع، فإذا بلغ سبعًا... الخ):
يعني: أن الأم أولى بحضانة البنين والبنات دون سبع سنين، وأما إذا بلغوا سبع فأكثر فيقال له- إذا كان ذكرًا- اختر أباك أو أمك، فإذا اختار أحدهما فهو معه.
أما الأنثى فإنها بعد تمام سبع سنين تكون عند من يقوم بمصلحتها من أم أو أب؛ وذلك لأنها بحاجة إلى من يصونها فإذا كان الأب يصونها والأم تهملها

كأن تتركها تخرج وتلعب ويتعرض لها الفسقة فلا يجوز تركها عند الأم، وكذلك إذا كان الأب ينشغل عنها ويوليها من لا يقوم بمصلحتها فإنها تكون عند الأم ولو بعد البلوغ، فتكون عند من يحفظها ويصونها ويقوم بمصلحتها.
قوله: (ولا يترك المحضون بيد من لا يصونه ويصلحه):
فإذا عرف أنه إذا كان عند أمه ذكرًا كان أو أنثى فإنها تصونه وتتولاه وتحفظه وتحميه وتعلمه وتقوم بمصالحه وتنصحه لا يختلط بمن يفسده؛ فأمه أولى من أبيه إذا كان أبوه منشغلاً في وظيفته لا يتفرغ له ولا إلى تربيته ويترك له الحبل على الغارب، فيتركه يسيح كما يشاء، ويختلط بمن يفسده ويوقعه في مسكرات أو دخان أو ما أشبه ذلك من المنكرات والفواحش، والمقصود أنه لا يترك عند من لا يحفظه ويصونه ويقوم على شئونه.