إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
208385 مشاهدة
من البينة القرينة الدالة على صدق أحد المتداعيين


ومن البينة: القرينة الدالة على صدق أحد المتداعيين:
مثل أن تكون العين المدعى بها بيد أحدهما، فهي له بيمينه.
ومثل أن يتداعى اثنان مالاً لا يصلح إلا لأحدهما، كتنازع نجار ونحوه بآلة نجارته، ونحوه بآلة حدادة، ونحو ذلك.


قوله: (ومن البينة: القرينة الدالة على صدق أحد المتداعيين: مثل أن تكون العين المدعى بها بيد أحدهما فهي له بيمينه):
هذا تعريف البينة وسميت بذلك لأنها تبين الحق وتدل عليه، فالشهود بينة، والقرائن بينة.
فإذا كانت هذه الناقة مع فلان من الناس منذ أن كانت صغيرة وبيده وهو الذي يحلبها، وهو الذي يركبها، وهو الذي يولدها، وجاء إنسان وقال: هذه ناقتي، فكونها في يده دليل على أنها له، فالأغلب على الظن أنها ملكه.
وكذلك لو جاءك إنسان وادعى على حذائك الذي في رجلك مثلاً، أو
عمامتك التي على رأسك، فإن القرائن تدل على أنه خاطئ، وأنت المصيب؛ لأنها في يدك.
قوله: (ومثل أن يتداعى اثنان مالأ لا يصلح إلا لأحدهما كمنازع نجار ونحوه بآلة نجارة، ونحوه بآلة حدادة، ونحو ذلك):
فلو كان مثلاً عند نجار آلة النجارة كالقدوم الذي يدق به والمنشار الذي يقطع به الخشب وما أشبه ذلك، فإذا جاء إنسان إلى القاضي وقال: هذا المنشار لي ومعروف أنه ليس نجارًا، فإنه يحكم للنجار بهذه الآلة، كذلك الحداد يحكم له

بآلة الحدادة وما أشبهها.