(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
208286 مشاهدة
أولى الناس بتزويج الحرة

وأولى الناس بتزويج الحرة أبوها وإن علا، ثم ابنها وإن نزل. ثم الأقرب فالأقرب من عصباتها.
وفي الحديث المتفق عليه: لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت .


قوله: (وأولى الناس بتزويج الحرة: أبوها وإن علا):
إذا عرفنا أنه لا بد من ولي فأولى الناس بولايتها الأب، ومعلوم أن الأب معه من الشفقة ما يحمله على أن يختار لها الكريم ولا يمنعها من الكفء، ولذلك يكون هو الولي ولا ولاية لأحد معه، بمعنى أنه إذا كان لها إخوة ولها أب، فالأب هو الذي يزوجها إلا أن يوكل أحدًا من الإخوة أو غيرهم.
وقوله: (وإن علا)، يدخل فيه الجد إذا كان جدها موجودًا، فإن الجد والد فله

أن يتولى تزويجها بدلا عن الأب، وليس لإخوتها مثلا ولا لغيرهم أن يزوجوها مع وجود الأب.
قوله: (ثم ابنها وإن نزل):
يعني: إذا لم يكن لها أب ولا جد فيزوجها ابنها فإنه أقرب،، وهذا عند الجمهور، أما الشافعية فلا يرون أن الابن يزوج أمه، كأنهم يستأنفون من ذلك، فيقولون: كيف يزوج الابن أمه؟ ولكن الصحيح أنه لا مانع من ذلك، ومعنى: (وإن نزل)، يعني: ابن الابن يزوج جدته.
قوله: (ثم الأقرب فالأقرب من عصباتها):
عرفنا القرابة في باب المواريث أن الأقرب بعد الأب وابنه، الأخ الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ الشقيق، ثم ابن الأخ لأب، ثم العم الشقيق، ثم العم لأب، إلى آخر ما تقدم.
ولا يزوجها من ليس من العصبة، فلا يزوجها أخوها من الأم؛ لأنه من ذوي الأرحام، ولا يزوجها الخال، ولا يزوجها جدها أبو الأم، وذلك لأنه من ذوي الأرحام، فلو كان لها خال وأخ من الأم ولها ابن ابن ابن عم، فإن ابن العم يزوجها، ولو كان هو البعيد؛ لأنه من العصبة.
قوله: (وفي الحديث المتفق عليه: لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن إلخ):
يعني: إذا سكتت البكر فإن ذلك دليل على أنها رضيت، فأما إذا كانت كارهة وأعلنت الكراهية، أو أجلت وقالت: أمهلوني حتى أسأل أو حتى أصلي

صلاة الاستخارة مثلا، أو حتى استشير أو نحو ذلك.
أما إذا سكتت فإن ذلك دليل الرضى، والأولى أن تعاود بعد ذلك مرة بعد مرة حتى يتأكد من رضاها.
فإذا بكت مثلا أو تمعر وجهها أو أظهرت الكراهية أو ما أشبه ذلك فلا تزوج حتى يتحقق من موافقتها.