إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
90750 مشاهدة
من شروط كلمة التوحيد: الإخلاص

...............................................................................


وأما الشرط الثالث: فهو الإخلاص. يعني: العمل بمعناها، بأن يُخْلِصَ عبادته لله، ولا يجعل منها شيئا لغير الله، لا في النية، ولا في العمل.
وتعرفون الأدلة الكثيرة التي تدل على الأمر بالإخلاص؛ كقوله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وكقوله تعالى: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وكقوله تعالى: قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ كرر الله -تعالى- الإخلاص في آيات كثيرة، وكذلك قول الله تعالى: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ .
فالإخلاص معناه: أن تكون العبادة كلها خالصة لوجه الله، لا يُصْرَفُ منها شيء لغير الله، أيُّ نوع من أنواع العبادة، مثل: الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والإنابة، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والركوع، والسجود، والتوكل، وما أشبهها من أنواع العبادات القولية والفعلية، فلا يُصْرَفُ منها شيئا لغير الله.
وهكذا -أيضا- النيات، النية هي أصل إصلاح العمل؛ فمن نوى بعمله الصالح غير الله فقد أشرك؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- من سَمَّع سمع الله به، ومن راءى راءَى الله به وثبت في الحديث قوله: أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ثم فسره بالرياء، ومَثَّلَ له بقوله: يقوم الرجل فيصلي، فيزين صلاته، لِمَا يرى من نَظَرِ رجل إليه فجعل هذا زيادته صلاته وتحسينها شركا مُحْبِطًا لذلك العمل، وسماه أصغر، وسُمِّيَ -أيضا- شِرْكًا خَفِيًّا؛ وذلك لأن الناس لا يتفطنون له، إذا رأوه يتصدق ظنوا أنه صادق، إذا رأوه يجاهد ظنوا أنه صادق، إذا رأوه يصلي، أو رَأَوْهُ يذكر الله، أو يُحْسِنُ التلاوة؛ فإنهم يظنون أن ذلك عن قلب؛ ولكن الله -تعالى- يطلع على ما في قلبه؛ فيحبط عمله.
يقول الله للذين يراءون: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون فانظروا هل تجدون عندهم من ثواب أعمالكم شيئا؟!، ويقول في الحديث القدسي: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، مَنْ عَمِلَ عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ، فيراد به -هنا- الشِّرْكُ في النية، وهو يُنَافِي الإخلاص. والأدلة عليه وأمثلته كثيرة لا نُطِيلَ بها. فهذا شرط من شروط لا إله إلا الله.