الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
90617 مشاهدة
من شروط كلمة التوحيد الكفر بالأنداد

...............................................................................


ثم إن بعض المتأخرين.. ألحقوا بها شرطا ثامنا، وأخذوه من هذا الحديث: من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله فجعلوا هذا شرطا ثامنا، ونظمه بقوله:
وزيد ثامنهـا الكفـران منـك بما
سوى الإلـه مـن الأنـداد قد أُلِهَا
أي: جُعِلَ هذا شرطا ثامنا وهو: أن يكفر بالأنداد التي تُعْبَدُ من دون الله.
فإذا اجتمعت هذه الشروط الثمانية لكلمة الإخلاص نفعت قائلها؛ وذلك لأنه يكون لها تأثير بليغ؛ حيث إنه يحب عبادة الله، ويتقبلها، وكل سنة أتته أسرع إليها وامتثلها، وكل مُحَرَّمٍ سمعه ابتعد عنه وتركه.
وكذلك يتلذذ بالطاعة، ويجد لها حلاوة وطلاوة، وكذلك تنفر نفسه من المعصية، ويبتعد عنها.
ويكون -أيضا- من آثار ذلك: أنه يحب أولياء الله، يحب الصالحين، ويحب المؤمنين، وإذا أحبهم اقتدى بهم بحسب قدرته، عمل مثل أعمالهم، وتعلم كعلومهم، وسار على نهجهم، وتقبل إرشاداتهم.
وكذلك أيضا يَبْغَضُ أعداء الله الذين هم الكفار، والفساق -ولو كانوا أقارب- يبغضهم، ويمقتهم، ويُحَقِّرُ من شأنهم، وإذا أبغضهم ابتعد عنهم، وهجرهم، وترك أعمالهم، وحذرها، الأعمال التي بها صاروا كفارا، أو صاروا منافقين، أو صاروا فساقا وعصاة لله –سبحانه- يعرف أنها من المحرمات، وأنها هي التي تسبب سخط الله وغضبه.
فإذا أبغضهم أبغض أعمالهم، وإذا أبغض أعمالهم ابتعد عنها؛ لأن الذين يقولون: إننا نبغض الكفار، ونبغض العصاة؛ ومع ذلك يجالسونهم، ويؤانسونهم، ويمازحونهم، ويخالطونهم، أو يوافقونهم في كثير من أعمالهم؛ فمثل هؤلاء ما صدقوا في أنهم من الذين حَقَّقُوا معنى: لا إله إلا الله.
لا شك أن العاصي الْمُصِرَّ على معصيته؛ مع معرفته بأنها معصية.. لا شك أنه ناقص الإيمان، وناقص الاتباع، وناقص التصديق، ونقص إيمانه وتصديقه بحسب تلك المعصية أيًّا كانت. ينتبه المسلم، ويبتعد عن كل شيء يُنَقِّصُ إيمانه، أو ينافي كماله؛ سواء حلق اللحى، أو التكبر، وجر الثياب، أو مجالسة العصاة وإكرامهم، أو ما أشبه ذلك من المحرمات.