تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
الكفار يشهدون لله بتوحيد الربوبية
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف -رحمه الله-
فإذا تأملت هذا تأملا جيدا، وعرفت أن الكفار يشهدون لله بتوحيد الربوبية -وهو تَفَرُّدُه بالخلق والرزق والتدبير- وهم ينخون عيسى اسم> والملائكة والأولياء، يقصدون أنهم يقربونهم إلى الله زلفى، ويشفعون لهم عنده. وعرفتَ أن من الكفار -خصوصا النصارى منهم- مَنْ يعبد الله الليلَ والنهارَ، ويزهد في الدنيا، ويتصدق بما دخل عليه منها، معتزلا في صومعة عن الناس، وهو مع هذا كافر عَدُوٌّ لله، مُخَلَّدٌ في النار بسبب اعتقاده في عيسى اسم> أو غيره من الأولياء، يدعوه أو يذبح له، أو ينذر له. تَبَيَّنَ لك كيف صفة الإسلام التي دعا إليه نبيك محمد اسم> -صلى الله عليه وسلم- وتَبَيَّنَ لك أن كثيرا من الناس عنه بِمَعْزِلٍ، وتَبَيَّنَ لك معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- رسم> بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ متن_ح>
رسم> .
السلام عليكم ورحمة الله،،
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
يقول: إذا تأملت هذا تأملا جيدا .
يعني: شبهة المشركين المتأخرين الذين يَدْعُون الأولياء -كما يقولون- ويدَّعون أن دعاءهم ليس بشرك، وأنهم يجعلونهم وسائط وشفعاء، فعرفتَ أن الأولين كذلك يَدْعُون الأولياء والأنبياء، يَدْعُون عيسى اسم> و عُزَيْرا اسم> والصالحين منهم، ويدَّعون أنهم شفعاء لهم، ويقولون: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ثم إذا قالوا: إن الأولين امتنعوا من قول: لا إله إلا الله، امتنعوا من ذلك، ونحن نقول: لا إله إلا الله؟!
فالجواب: أنهم امتنعوا؛ لأنهم يعرفون الإله، أنه الذي تألهه القلوب محبة وخوفا ورجاء وتعظيما، وأنتم تجهلون معنى الإله؛ فلذلك تقولون: لا إله إلا الله -بألسنتكم- وتخالفونها بأعمالكم؛ فتجعلون مع الله آلهة أخرى، ترجون شفاعتهم ووجاهتهم؛ ولكن.. ما سميتموهم آلهة، سميتموهم سادة، أو شفعاء، أو وسطاء، فَغَيَّرْتُمُ الاسم؛ ولكنَّ المعنى هو المعنى. هو عندهم إله، وعندكم سميتموه سيدا، أو شيخا، أو وليا، تألهه قلوبهم، وتألهه قلوبكم -أي- تُعَظِّمُهُ. هم يُسَمُّون فعلهم تألها، وأنتم تسمونه توسلا، والمعنى هو المعنى! هم يسمون فعلهم عبادة، وأنتم تسمونه استشفاعا، وهو في الحقيقة عبادة.
قد ذكرنا معنى العبادة، هم لما كانوا أهل لغة يعرفون اللغة، وما دلت عليه، فيعرفون أن العبادة: مشتقة من التَّعَبُّدِ الذي هو: التذلل. اعترفوا بأن فعلهم عبادة، وقالوا: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فالأولون يَعْرِفُون اللغة فقالوا: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
يقول: الكفار يشهدون أن الله هو الخالق الرازق الْمُدَبِّرُ يعترفون بتوحيد الربوبية، وأنتم أو كثير منكم ما يعترفون إلا بتوحيد الربوبية! كثير من القبوريين يفسرون لا إله إلا الله بأن معناها: لا خالق إلا الله! لو كان كذلك لكان المشركون يقولونها؛ لأنهم يعترفون بأن لا خالق إلا الله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فالمشركون الأولون يشهدون بتوحيد الربوبية ، أي: أنه لا خالق إلا الله، وأن الله هو الذي يَرْزُقُ عباده: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
كذلك يدعون الأولياء، والصالحين منهم، يدعونهم من دون الله، يهتفون بأسمائهم. يقصدون أنهم يُقَرِّبُونهم إلى الله زلفى، يقولون: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وقد استدل بهذا -أو قال هذا- المشركون القبوريون! فهم يقولون: نطلبهم، وهم يطلبون لنا الله، أو نطلبهم مما أعطاهم الله، أعطاهم الله الشفاعة فنطلبهم منها، وجعل لهم جاها فنطلب الله بجاههم، وجعل لهم عنده مكانة ومنزلة فنطلبهم بمكانتهم وبمنزلتهم التي أنزلهم الله لها؛ فلأجل ذلك نطلب تقريبهم وشفاعتهم -أي- شفاعتهم لنا عنده.
فما الفرق في الأفعال بين أفعال المشركين الأولين وبين أفعال القبوريين؟! الأفعال هي الأفعال، والعقائد هي العقائد، والتقربات هي هي!!
مسألة>