شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
تفسير سورة الكهف
38693 مشاهدة print word pdf
line-top
فضل سورة الكهف وسبب نزولها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اختير في هذا الوقت ذِكْرُ أو قراءة تفسير هذه السورة التي سمعنا في هذه الصلاة، وهي: سورة الكهف أن نقرأ من تفسيرها ما نعمر به هذه الأوقات.
وقد ورد في فضل هذه السورة فضائل وأحاديث كثيرة؛ منها ما هو صحيح، ومنها ما فيه ضعف، فورد في فضل قراءة عشر آيات من أولها أن ذلك نجاة من الدجال، أو من الفتن، أو أن ذلك نجاة من العذاب؛ من أولها عشر، ومن آخرها كذلك.
وكذلك ورد في فضل قراءتها في يوم الجمعة حديث مشهور- ولو كان فيه مقال- وأن من قرأها كان له، أو سطع له نور إلى السماء، ولا شك أن هذا دليل على فضل قراءتها، وعلى فضل تعلمها، وقد اشتهر أن هذه السورة اختصت بخصائص لم توجد في غيرها من السور.
ذكر الله تعالى فيها أربع قصص ما وجدت في غيرها:
الأولى: قصة أصحاب الكهف.
والثانية: قصة صاحب الجنتين مع صاحبه.
والثالثة: قصة موسى مع الخضر
والرابعة: قصة ذي القرنين
وذُكِرَ في سبب نزول القصتين؛ الأولى والأخيرة: أن قريشا لما اشتهر أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وادعى عندهم أنه نبي تحيروا في أمره، فقالوا: نحب أن نسأل أهل الكتاب عن أمره؛ هل هو صادق، أم لا؟ فأرسلوا رسلاً إلى أهل المدينة إلى من بالمدينة من أهل الكتاب من اليهود، وقالوا: سلوهم عن محمد أهو صادق أم غير صادق؟ فجاءوا إليهم فعند ذلك سألوهم عن شأنه، وأنه يدعي أنه نبي، وأنه يوحى إليه؛ فعند ذلك قال لهم اليهود: سلوه عن ثلاث مسائل: سلوه عن فرقة في قديم الزمان، أو طائفة خرجوا من بلادهم؛ فإنه كان لهم حديث عجيب، وسلوه عن رجل طواف طاف بالمشرق والمغرب، وسلوه عن الروح، ثم لما جاء ذلك الوفد، وأخبروا قومهم قالوا: إن هذا هو الفاصل بيننا وبين محمد وبه نعرف أنه صادق أو كاذب؛ لأن اليهود قالوا لهم: إن أخبركم بذلك فهو نبي، وإن لم يخبركم فهو رجل متقول، فلما جاءوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وألقوا عليه هذه الأسئلة.
قال: سأخبركم عنهن غدا، ولم يقل: إن شاء الله؛ فتأخر عنه الوحي لمدة خمسة عشر يوما بشأن هذه المسائل، فقال المشركون: وَعَدَنَا محمد أن يخبرنا غدا، واليوم قد مضى خمسة عشر يوما، فما هو إلا رجل مُتَقَوِّل.
نزل بعد ذلك أول هذه السورة وآخرها، ونزلت آية في سورة الإسراء، فنزلت قصة أصحاب الكهف، وقصة ذي القرنين فأصحاب الكهف هم الفئة أو الطائفة الذين خرجوا من بلادهم، وكان لهم حديث عجيب، وذو القرنين أيضا: كان له حديث عجيب.
والسؤال الثاني عن الروح، نزل قول الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا فكان في هذا جواب لتلك المسائل، ولكن لما لم يُجِبْهُمْ في حِينِهِ لم يتقبلوا منه. قد عاتبه الله تعالى على وَعْدِهِ لهم بدون استثناء، فقال تعالى في هذه السورة: وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وهذا تعليم للأمة؛ أن كل من وعد وعدا مستقبلا فعليه تعليق هذا بمشيئة الله، فلا تقل: سوف آتيك غدا، أو سوف أفعل، أو أكتسب بعد غد، أو في هذا اليوم، أو في الأيام التي بعده إلا بعد أن تعلق ذلك بمشيئة الله، فتقول: إن شاء الله آتيك بكذا، إن شاء الله أعطيك كذا، وكذا، إن شاء الله سوف أذهب إلى كذا، وكذا، أو تقول: لا أفعل كذا إلا أن يشاء الله، وما أشبه ذلك؛ فإن الأمور كلها متعلقة بمشيئة الله ؛ ما شاءه كان، وما لم يشأه لم يكن. نحب أن نقتصر على ذكر القصص الأربع. أي: في كل يوم من هذه الأيام نذكر قصة من هذه القصص؛ التي اشتملت عليها هذه السورة.
في هذا اليوم قصة أصحاب الكهف، وفي اليوم الذي بعده قصة صاحب الجنتين، وفي اليوم الذي بعده قصة موسى مع الخضر وفي اليوم الذي بعده قصة ذي القرنين ونذكر ما فيها من العبر على وجه الاختصار؛ لئلا يطول بنا المقام.
ومن أراد أن يتزود يرجع إلى كتب التفسير، وأحسنها كتاب تفسير ابن كثير وقد أكثر المفسرون من ذكر هذه القصص؛ في ذكرها من الإسرائيليات، والنقول الطويلة التي العمدة فيها كتب بني إسرائيل والتي يكثر، أو يغلب عليها أنها محرفة. فسرد القصة ابن جرير مطولة، وسردها أيضا البغوي وكذلك هناك من سرد قصص القرآن كالثعلبي في كتابه الذي سماه: (عرائس المجالس في قصص الأنبياء)، وكذلك قد يذكرها بعض المؤلفين؛ استطرادا. كما ذكرها صاحب حياة الحيوان الدميري لما تكلم على الكلب، بمناسبة قوله: وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ وحيث إن أغلب تلك القصص ليس لها إسناد إلا راجع إلى الكتب القديمة من كتب بني إسرائيل ؛ فإننا نقتصر على ذكر ما يؤخذ من هذه القصة، وأما سردها فإنه واضح في القرآن.

line-bottom