تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
تفسير سورة الكهف
28612 مشاهدة
بيان سبب إقامة الجدار

ثم قال: وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ هكذا اعتذر عن إصلاح الجدار، أنه كان لغلامين في المدينة؛ يعني: في تلك القرية التي مروا بأهلها فلم يضيفوهم. فيها غلامان وكأنهما يتامى، وكأنهما ممن وثق بأن الله أصلحهما. غلامين يتيمين في المدينة فاقدين لأبيهما، أو لأبويهم، واليتيم محل الشفقة، والرحمة، والرقة فرفق بهما الخضر وأصلح جدارهما؛ لئلا ينهدم، فيذهب ما تحته من الكنز. لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا هذا الكنز: لم يذكر ما فيه، يمكن أنه: ذخيرة من المال، ورثاه من أبيهما، وجعلاه تحت أو في ذلك الجدار، أو في ذلك المنزل يحفظ لهما، ولو سقط الجدار لعجزا عن إقامته؛ لضعفهما، ولو سقط أيضا لبرز ذلك الكسب، ذلك الكنز، ورآه المارة، ورآه الناس؛ فكان سببا في أن يذهب، يُنتهب، أو يُسرق، أو يُختلس، أو يَضيع عليهما؛ فإذا بلغا أشدهما، لم يكن عندهما ما يتقوتان به فرفق بهما الخضر وأقام، وأصلح الجدار لهما، يقول: فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ .
وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا أخبره، أو أعلمه الله تعالى بأن آباهما صالحا، وصلاح الآباء يدرك الأبناء ؛ فلما كان أبوهما صالحا أصلحهما الله تعالى بصلاح أبيهما، مع أن الأب قد مات، وتركهما وهما طفلين، والدليل أنهما يتامى: لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ واليتيم يزول عنه وصف اليتم بالاحتلام، إذا احتلم وبلغ فلا يسمى يتيما، يقول في الحديث: لا يُتْم بعد احتلام فدل على أن آباهما صالح تقي، وأنه توفي وهما صغيران، وأن الله تعالى حفظهما وأصلحهما، وأن هذا الكنز سبب لأن يستغنيا به عند حاجتهما؛ فلذلك قال: فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا يعني: يكبرا، ويبلغا الأشد، ويستخرجا كنزهما؛ فينفقانه في صالحهما، ويتصرفان فيه، سواء كان ذلك الكنز من الذهب أو من الفضة، أو من النقود الأخرى، أو من الفلوس، أو من الأمتعة، أو من الأثاث، أو من الأطعمة، ذكر بعض المفسرين أن ذلك الكنز كان لوحا. قيل: إنه لوح من فضة، أو لوح من ذهب، وأنه مكتوب فيه نصائح ومواعظ، وإن كان ذلك تخرصا، لا دليل عليه، يقول: فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ .
ثم يقول: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي أي: ما فعلته إلا بأمر من الله تعالى، ووحي منه.