اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
تفسير سورة الكهف
41486 مشاهدة print word pdf
line-top
شرط الخضر لاصطحاب موسى

فعند ذلك قال لموسى إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا أي: لا تقدر أن تصبر على ما تراه من التصرفات، التصرفات التي تكون مخالفة لما هو ظاهر، إذا كان ذلك التصرف منكرا ظاهرا يستنكر في كل النفوس، ولكن للخضر عذر في هذه التصرفات، فلذلك عرف بأن موسى لا يصبر على ما يراه.
فعند ذلك قال موسى سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا هكذا وعده بأنه يصبر، ولكن يكون ذلك بمشيئة الله، رد الأمر إلى مشيئة ربه لأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ما جزم وقال: سوف أصبر، بل قال: إن شاء الله سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا أي: أصبر وأتحمل ما آراه، وما أنكره في الظاهر.
وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا هكذا أيضا اعترف بأنه يطيع الخضر ولا يعصيه، إذا قال له افعل كذا وكذا.
فعند ذلك قال له وأرشده الخضر وقال: فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا إذا اتبعتني، وفعلتُ شيئا، ورأيتَ شيئا مخالفا لما هو عليه الواقع، أو لما هو معروف عندك؛ فإياك أن تنكر، وإياك أن ترد هذا الأمر، وتقول: هذا منكر، أو هذا خلاف ما يعرفه ذوو الأفهام. اصبر، وتحمل، ولا تعجل بالإنكار، حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا حتى أخبرك بالسبب الذي فعلتُ له ذلك الشيء، هكذا أمره، ولكن حكى الله تعالى عن موسى أنه لم يصبر على ما رآه مما هو خلاف لما يعلمه، ولِمَا ظهر له.

line-bottom