إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
shape
تفسير سورة الكهف
46445 مشاهدة print word pdf
line-top
قصة السفينة

فأولها: السفينة، يقول الله تعالى: فَانْطَلَقَا يعني: صار موسى والخضر ولم يذكر الفتى؛ لأنه تابع لموسى فيعتبر كأنه تبع موسى، انطلق موسى والخضر
حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ مرا بسفينة، فطلبا أن يركباها، أهل السفينة يعرفون الخضر فلما عرفوا الخضر أركبوهما بغير أجرة، بغير نَوْلٍ، لم يطلبوا منهما نولا ولا عطاء، وهذا دليل على أن هناك من يعرف الخضر ويعترف بفضله، ويعترف بعلمه، وأن أهل تلك السفينة من المسلمين المتبعين للخضر الذين على دينه، وعلى طريقته؛ فلهذا عرفوه، فأركبوه بغير نول، ولما أركبوه رق لهما، وخاف أنهما يُسْلَبان هذه السفينة، فلما ركبا في السفينة، كان مع الخضر فأس، فعمد إلى لوح من ألواح السفينة، فخرق ذلك اللوح، كسره، وأزاله عن موضعه، وجعله في موضع آخر؛ ليكون عيبا ظاهرا في هذه السفينة.
فلما رأى موسى ذلك منه تعجب، أن هؤلاء حملونا بغير أجرة، وعمدت إلى سفينتهم فأفسدتها، وجعلت فيها هذا الخرق لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا أي: شيئا غريبا، حيث عمدت إليها؛ لتفسدها، وتغرق أهلها، لأن العادة أن السفينة تجري في لجة البحر، وأنه إذا كان فيها خرق فقد تأتي إلى مكان عميق فيه أمواج، وفيه اضطرابات، ثم إن تلك الأمواج قد ترفع الماء إلى ذلك الخرق فيدخل في وسط السفينة، وإذا دخل فيها، وامتلأت من الماء رسبت، غرقت، وغاصت إلى أسفل الماء وإلى لجته؛ فيغرق أهلها، وتغرق البضائع والأمتعة التي فيها؛ فتكون أنت السبب، لأنها كانت قبل ذلك سفينة صالحة.
ولما عجل موسى بالإنكار قبل أن يسأله ذكره بتلك المقالة التي اشترطه عليه، بقوله: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا يقول: أما تذكر أنني ذكرتك، وقلت لك: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا فهذا تسرعك، وهذا أمرك، وهذا من عجبك، وإنكارك لشيء لا تعرفه؛ فأنا أعرف السبب، وأنت لا تعرفه، فذكره بذلك.
ولما ذكره تذكر موسى تلك الكلمة، واعتبر هذا نسيانا منه، وغفلة عن تلك الجملة التي أخذها عليه، واشترط عليه، فقال: لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ فقد نسيت شرطك علي، وغفلت عن ما طلبت مني، نسيت شرطك؛ فاعف عني.
لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ولا تكلفني مشقة لا أتحمل الصبر معها، وتطردني بذلك وتردعني، فعند ذلك عذره الخضر ولكن لم يبين له أمر خرق السفينة إلا فيما بعد.

line-bottom