تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
تفسير سورة الكهف
31836 مشاهدة
إحساس موسى بالتعب وطلبه الغداء

وقال لفتاه آتِنَا غَدَاءَنَا أي: طعامنا، الغداء: هو الطعام الذي يؤكل أول النهار، أو في مستقبل النهار، والعشاء: ما يؤكل في آخره، أعطنا طعامنا نتغذى به.
ثم قال: لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا أي: لقينا تعبا ومشقة من هذا السفر، ورد في الحديث: يقول -صلى الله عليه وسلم- لم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمر به الذي فيه الخضر الذي ذهب لأجله، ولم يجدا تعبا، ولم يحسا بنصب طوال سيرهما قبل أن يصلا إلى مجمع البحرين فلما تجاوزا ذلك المكان الذي تركاه، أو فقدا فيه الحوت، أحسا بالتعب، وأحسا بالنصب، نصب السفر، هذا دليل على أن الله تعالى جعل له هذه الآية.