لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
تفسير سورة الكهف
31843 مشاهدة
اصطحاب موسى ليوشع بن نون معه في رحلته

فعند ذلك طلب من فتاه وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ذكر أن فتاه: هو يوشع بن نون وقيل: إنه غيره؛ وذلك لأن يوشع بن نون كان من جملة من أوحي إليه، أو من جملة من شرف بالعلم، فهو من أهل العلم، ومن أهل المكانة، ومن أهل الشرف، ولكن لا مانع من أن يصحب موسى ؛ ليتزود من العلم من علم موسى ومن علم الخضر كما يتزود موسى وإذا كان غيره، فيكون غلاما لموسى ولذلك سماه الله فتى، والفتى: هو الشاب، أي: الشاب الذي يخدمه لِفَتَاهُ أي: لغلامه الذي لا يزال في سن الشباب.
فلما عزم على أن يسافر، قال: لَا أَبْرَحُ أي: لا أبرح أسير.
حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ وكأن مجمع البحرين موضع محدد معروف عندهم، وجهته محددة.
ثم قال: أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا يعني: أو أسير على قدمي، أو أسير على هذه الراحلة حُقُبًا يعني: دهرا طويلا، وفسر الحقب: بأنه مائة عام، وقيل: ثمانون عاما، والصحيح: أنه دهر طويل، قد حدده بعضهم: بأنه ألف سنة، وقد ذكر جمعه في سورة عم في قوله في أهل النار: لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا أي: جمع حقب. فعزم على أن يسير ولو سار حقبا، حتى يصل إلى ذلك المكان، فسار هو وغلامه. قيل: إنهما ركبا حمارا، وقيل: ركبا جملا، وقيل: كانا راجلين، وقيل: إن هذا الحوت يتزودان منه، يأكلان منه لحما طريا، وقيل: يتزودان من غيره، وإنما جعل الحوت الذي يحملانه آية لانتهاء سيرهما.