عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
تفسير سورة الكهف
46290 مشاهدة print word pdf
line-top
تشابه عقاب صاحب الجنتين مع عقاب أصحاب البستان

وكما حصل أيضا لأصحاب الجنة الذين ذكروا في سورة ن والقلم؛ فإن الله تعالى حكى عنهم: أن لهم بستانا، وأن ذلك البستان فيه ثمار، فلما كان في ليلة من الليالي أقسموا وحلفوا أنهم سيصرمون نخيلهم وأشجارهم؛ يعني: ثمارها في الصباح، يصرمونها، وحلفوا على ذلك، ولم يستثنوا، لم يقولوا: إن شاء الله، فلما أصبحوا ففي تلك الليلة أرسل الله تعالى عليها ما أتلفها فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ أصبحت محترقة مصرومة، ليس فيها شيء؛ وذلك لأنهم تمالئوا على أن يمنعوا المساكين، وقالوا: لا يدخل عليكم مسكين فيها فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ طاف عليها طائف من ربك، بعذاب من ربك، فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فلما رأوها اعتقدوا أنهم ضالون، وقالوا: ليست هذه جنتنا، ولا هذا بستاننا، نحن مخطئون، ولكن بعد أن تحققوا أنها هي بستانهم، اعترفوا بأنهم مخطئون، وقالوا: بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ورجعوا إلى ربهم، وقالوا: عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ .
فأولئك عوقبوا لما أنهم قالوا: لا يدخلها عليكم مسكين، وهذا عوقب لما كفر وقال: ما أظن الساعة قائمة، وقال: إن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا، وافتخر على صاحبه وقال: أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا وأشرك بالله، وقال بعدما عوقب: يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا عاقبه الله بأن أتلف عليه هذه الجنة، وهذا البستان أحوج ما كان إليه.
وقد ضرب الله تعالى مثلا بمن كان له جنة، فأصيبت أحوج ما يكون إليها. في قول الله تعالى: أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ يعني: أن يكون له بستان، ثم يقول تعالى: أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ فتؤتي أكلها، فأصابها يعني: سلط الله تعالى عليها ما أصابها، وله ذرية ضعفاء. وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ هذا مثل أيضا ضربه الله تعالى لمن أصيب في ماله أحوج ما كان إليه.
وهكذا لا يغتبط الإنسان بما هو فيه وما وسع الله عليه، بل يعتبر بما حدث لمن كان قبلنا، ويقول: لو بقيت الدنيا لنا لما وصلت إلينا، لو كانت الدنيا تبقى لنا لبقيت لمن قبلنا؛ فلما أنهم فنوا فلا بد أننا أيضا نفنى وأنها تنتقل إلى من بعدنا، هكذا يعتبر المؤمن.
قال الله في هذه القصة: وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا هُنَالِكَ أي: في ذلك المكان، كما قاله بعضهم.
الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ يعني: من تولاه الله تعالى فإن ولايته حق، ومن خذله فإنه هو المخذول.
الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا أي: ثواب الله تعالى خير لمن آمن، وعمل صالحا، ولا يلقاها إلا الصابرون، وخير عاقبة؛ أي فضل الله، وما يعطيه، وما يخوله لعبده هو خير ثوابا، وخير عاقبة.

line-bottom