اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
تفسير سورة الكهف
28773 مشاهدة
فضل الرب سبحانه على عبده

يتذكر الإنسان أول أمره أنه في بطن أمه ليس له إلا رزق واحد، وهو أنه يتغذى بالدم الذي هو دم الحيض، يتغذى به وهو جنين في بطن أمه؛ عناية الله تعالى بالجنين في رحم أمه. فإذا خرج إلى الدنيا جعل الله له بابين من الرزق، وهما الثديان اللذان يطلق الله تعالى منها له رزقا يتغذى به.
فإذا فطم وترك الرضاعة جعل الله تعالى له أربعة من الأغذية: طعامان، وشرابان، أما الطعامان: فاللحوم طعام، والبقية من الأطعمة؛ الحبوب، والثمار، ونحوها. يعني: طعام من اللحوم، التي هي بهيمة الأنعام، وطعام مما تنبت الأرض، مما جعل الله تعالى فيه رزقا. وشرابان؛ الشراب الأول ما يؤخذ من الألبان؛ التي يسر الله تعالى وسخرها، والشراب الثاني؛ ما يسره من بقية الأشربة من المياه، والنباتات، وما أشبهها.
عناية الله تعالى بك أنه خلقك من تراب، ثم من نطفة، ثم سواك رجلا، وأنعم عليك، وأعطاك ما أعطاك. أتنسى فضل الله تعالى عليك ولا تعترف بما أعطاك؟!.