شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
تفسير سورة الكهف
41512 مشاهدة print word pdf
line-top
تفسير قتل الغلام

ذكر بعد ذلك الغلام: وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا الغلام الذي قتله كان طُبِعَ يوم طبع كافرا، أطلع الله تعالى الخضر على أنه لو عاش لكان كافرا، مع أن قتل الصبيان لا يجوز في الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل الصبيان والنساء ؛ يعني: في الحرب؛ لأنهم بعد الاستيلاء عليهم يكونون مماليك أرقاء للمسلمين، ومع ذلك فإن قتله إذا كان لمصلحة جائز، فالخضر أعلمه الله بأن أبوي هذا الغلام صالحان، أمه وأبوه كانا صالحين مؤمنين من أهل التقى، وأنه طبع كافرا، خلقه الله وطبعه على الكفر، ولو عاش لأوقعهما في الكفر، وأرهقهما طغيانا وكفرا، أرهقهما يعني: أوقعهما، رهق الشيء: يعني وصل إليه، أرهقني الشيء: يعني أتعبني، فأوصلني إلى حالة لا أستطيع فيها الصبر، والطغيان: هو مجاوزة الحد. يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا يعني: يوصلهما، ويوقعهما في الطغيان: الذي هو التكبر، والإعجاب، والوقوع فيما نهى الله تعالى عنه.
طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً يعني: طلب من الله أن يعوضهما بدل هذا الغلام، أفضل منه. يعني: ولدا أفضل منه ذكرا، أو أنثى خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً والزكاة ها هنا: هي الصلاح؛ يعني: أن يكون زكيا، كما في قوله فيما حكى الله عن زكريا قال: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ غلاما زكيا. أي: يكون من أهل الزكاة، وليس المراد: أنه يزكي نفسه. يعني: يمدح نفسه بل المراد: أنه يكون خيرا منه، فهما، وخيرا منه إدراكا، وإيمانا، ومعرفة، هكذا طلب، ذكر بعض المفسرين أن الله تعالى وهب لهما جارية صالحة مصلحة، أعانت أبويها على الصلاح، وعلى الاستقامة والثبات، ويمكن أن الله رزقهما أيضا أولادا ذكورا، كانوا صالحين مصلحين؛ استجابة لدعوة هذا العبد الصالح، الذي هو الخضر خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا يعني: أقرب إلى أن يكون شفيقا على أبويه، رحيما بهما، يرحمهما، ويدعو الله تعالى لهما بذلك، ويقول: رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا .

line-bottom