إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
تفسير سورة الكهف
38651 مشاهدة print word pdf
line-top
اعتزال أصحاب الكهف لأفعال قومهم

وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ أي: واعتزلتم معبوداتهم كلها إلا الله.
فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يمكن أن هذه المقالة قالوها قبل أن يدخلوا في الكهف. أي: في حالة ذهابهم من بلادهم متوجهين خارجين من البلاد، فذكَّروا بعضهم؛ اذكروا إذ اعتزلتم قومكم، واعتزلتم معبوداتهم كلها، ولم يبق معبود لكم إلا الله فادخلوا في هذا الكهف.
يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا ينشر لكم: يعطيكم رحمة منه؛ رحمة هداية، ورحمة رزق، ورحمة حماية، ورحمة نصرة، وحصل ذلك لهم.
وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا يهيئ لكم أمرا ترتفقون به، وتكونون سالمين من الأذى من الأقوام ونحوهم؛ رفقا من الله تعالى بكم. ذكر الله تعالى هذه المقالة، وأنهم دخلوا في الكهف، وأنهم لما وضعوا رءوسهم أماتهم الله، وقبض أرواحهم، وبقوا بعد ذلك في هذا الكهف سالمة أبدانهم لم تَبْلَ، ولم تأكلها الأرض طيلة هذه المدة.
ثم ذكر الشمس أنها لا تطلع عليهم. يعني: فتحرقهم بِحَرِّها، يقول تعالى: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فإذا طلعت كأنها تذهب عنهم في جهة اليمين، ولا يأتيهم شيء منها؛ ولكن لما كان في دخول الشمس المكان، ذكر أنها إذا غربت تقرضهم. أي: تطلع عليهم، أو يظهر عليهم شعاعها. ذات الشمال، وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ هكذا ذكر الله.

line-bottom