الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
تفسير سورة الكهف
46262 مشاهدة print word pdf
line-top
أهل الكهف فتية ثبتهم الله على الحق

هكذا أخبر الله تعالى، ثم أخبر تعالى بأنهم فتية، يعني: من الفتيان الذين هم في مستقبل شبابهم، نحن أعلم... أخبر تعالى: بأنه أعلم بهم، وبأحوالهم، وبما يكون من أمرهم، وأن الناس اختلفوا في أمرهم. ذكر الله تعالى أنهم فتية آمنوا بربهم، وأنه ربط على قلوبهم، وأنهم اختاروا هذا الإيمان، وأنهم دعوا الله تعالى بهذه الأدعية، دعوا الله بقولهم: رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ يعني: قصصا صحيحا ليس فيه تَخَرُّصٌ، وليس فيه ظن، كما يظنه الْقُصَّاصُ ونحوهم.
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ لم يُذكر سبب إيمانهم من دون قومهم، ولكن الله تعالى هداهم. أي: قذف في قلوبهم الهداية، ومعرفة الحق والاعتقاد الصحيح، واختيار التوحيد؛ الذي هو توحيد الله تعالى، وإفراده بالعبادة؛ فأخبر بأنهم فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى زادهم الله لما أنهم تمسكوا بالتوحيد زادهم الله هدى، ومكن لهم معرفة الحق، ومعرفة الإيمان، وَزِدْنَاهُمْ هُدًى .
وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أي: ثبتهم؛ وذلك لأنهم نشأوا في قوم مشركين؛ أهل بلادهم كانوا مشركين، ومع ذلك خالفوا أهليهم، وإخوانهم وآباءهم وأقاربهم، واختاروا أن يوحدوا ربهم. كذلك أيضا اختاروا أن يخرجوا من بلادهم، وأن يفارقوا أهليهم. ومفارقة الأهل بلا شك صعبة على النفوس؛ ولكن هذه حال من ربط الله تعالى على قلبه، وقَوَّى إيمانه، وثبته بقول ثابت، ومكنه من الإيمان، فلا يصعب عليهم مفارقة أهليهم، ولا مفارقة بلادهم، ولا مفارقة أقوامهم، ما صعب عليهم في ذات الله تعالى. وهكذا كل من حقق الله تعالى الإيمان في قلبه، وملأ قلبه من الإيمان والتصديق؛ لا يصعب عليه أن يفارق أهله ، وأن يفارق بلاده، وأن يختار الإيمان الصحيح، وأن يتمسك بالدين، وأن يعض عليه بالنواجذ، ولو حصل له من الأذى ما حصل. فهذا آثار قوله: وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا هذا القيام قيل: إنه قيامهم بعد موتهم. أي: بعد أن مكثوا أمواتا مدة طويلة.
فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أي: اعترفوا بأن ربهم. يعني: خالقهم ومالكهم؛ هو رب السماوات والأرض، الخالق لجميع المخلوقات.
لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا يعني: لن ندعو غيره، بل هو ربنا. نعبده وحده، ولا نعبد غيره، ولا نشرك به شيئا.
لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا يعني: إذا أشركنا قولا: شَطَطًا أي: قولا مائلا عن الحق.

line-bottom