الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
shape
تفسير سورة الكهف
44277 مشاهدة print word pdf
line-top
عدد أصحاب الكهف

قوله: سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ يمكن أن الذين يقولونه أهل زمان النبي -صلى الله عليه وسلم- أي: يتخرصون في عددهم؛ فمنهم من يقول: إنهم ثلاثة، ومنهم من يقول: إنهم خمسة، وهذان القولان لا دليل عليهما، وإنما هو رجم بالغيب. أي: تخرُّص وظن لا دليل عليه.
ثم قال: وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ هكذا أخبر بأنه سبحانه أعلم بعدتهم. لما لم ينتقد القول الثالث الذي فيه أنهم سبعة وثامنهم كلبهم، لم يقل: رجما بالغيب، انتقد القولين الأولين بقوله: رجما بالغيب، ولم يعترض على القول الثالث؛ استدل به على أنه الصواب، وأن عددهم سبعة وثامنهم كلبهم، ويمكن أنهم أكثر، ويمكن أنهم أقل، وذلك لقوله: قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ لا يعلم عدتهم إلا قليل من الناس، والأكثرون لا يعلمونهم، وهم الذين اطلعوا عليهم في ذلك اليوم، والذين قالوا: لنتخذن عليهم مسجدا؛ لأنهم رأوهم رؤية عين، ما يعلمهم إلا قليل.
فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ المماراة: المماحكة والمجادلة إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا أي: لا تسأل عنهم أحدا من الناس، بل: قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ أي: فوض أمرهم إلى الله تعالى فهو الذي يعلم عددهم، وهو الذي أَطْلَع عليهم من شاء من عباده.

line-bottom