إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
تفسير سورة الكهف
31823 مشاهدة
مدة اللبث في الكهف والحكمة من طولها

في حديثهم أنهم لما دخلوا في أهل الكهف، ضرب الله على آذانهم، يعني: أنامهم.
يقول: فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ وهذه آية وكرامة، أمر مستغرب؛ كيف أنهم لما دخلوا ذلك الكهف، واضطجعوا فيه ناموا، وأخذت أرواحهم، وبقوا على أماكنهم ومضطجعهم سنين عددا؟ قيل: إنها ثلاثمائة سنة، وقيل: أكثر من ذلك أو أقل.
يقول تعالى في آخر القصة: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا يقول بعض المفسرين: إن هذا من مقالة أهل البلد الذين اختلفوا في عددهم، فذكر بعضهم أن لبثهم ثلاثمائة، وقيل: ثلاثمائة وتسع سنين، وقيل: إنه خبر عن الله تعالى أخبر عن مدة لبثهم؛ أن لبثهم ثلاثمائة سنة، وقيل: ثلاثمائة وتسع، وجمع بينهما بأن من قال: ثلاثمائة أراد سنين شمسية. السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة وستون يوما، والسنة القمرية ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما، فإذا حسبنا هذه المدة كان في كل مائة سنة شمسية زيادة ثلاث سنين، ففي ثلاثمائة زيادة تسع سنين، فهذا معنى: ازدادوا تسعا. أي: بالسنة القمرية، هذا قول أكثر العلماء؛ أنهم أماتهم الله تعالى هذه المدة.
فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ أي: بعد هذه المدة، بعدما مضى ثلاثمائة وتسع سنين بالسنين القمرية، بعثناهم. لماذا؟
لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا أي: الحكمة من بعثهم أن يَعْلَمَ اللَّهُ عِلْمَ ظُهُورٍ، أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا وكأن في البلاد حزبين، يعني: طائفتان، ولم يذكر الخلاف أو الفارق، والفاصل بين الحزبين، يعني: مؤمنون وكفار، أو طائفتان؛ أقارب لهم، وأجانب عنهم، أو أحزاب، يعني: متحزبة، بمعنى أن كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ يعني: فرق متفرقة في عباداتهم أو معتقدهم أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أي الطائفتين أعرف بما لبثوا، أيهم أقدر على معرفة مدة لبثهم بما لبثوا أمدا، لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا .