إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
shape
تفسير سورة الكهف
44272 مشاهدة print word pdf
line-top
إلقاء الله الرعب في قلب من اطلع على أهل الكهف وسببه

لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لو اطَّلَعَ عليهم إنسان وهم في تلك الحال (نيام) يعني: أموات وكأنهم أيقاظ، كما ذكر الله تعالى.
لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا من اطلع عليهم، وهم على تلك الحال رُعِبَ منهم وهرب؛ إما لِخِلْقَتِهِمْ.. يمكن أنهم مع كونهم أمواتا بَليت ثيابهم، ولم تبْلَ أجسادهم، ويمكن أن الله تعالى حفظ عليهم أيضا أكسيتهم، ولم يتغير منهم شيء من حالتهم، ويمكن أن الرعب يحصل بانفرادهم في هذا المكان الذي كانوا فيه بعيدين عن أهليهم وبعيدين عن بلادهم، ويمكن أن الرعب بسبب تغير خلقهم عن غيرهم، أن في خلقتهم شيئا زائدا عن أهل زمانهم، أو عن أهل هذا الزمان، فلا بد أن يكون هناك سبب لهذا الرعب، وسبب لهذا الفرار، لم يذكر إلا أنهم من اطلع عليهم رعب منهم، وهرب خوفا من حالتهم لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا هكذا أخبر الله عنهم.
يقول تعالى: وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا فمعنى قوله: وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ يعني: من رآهم على هذه الحال ظن أنهم مستيقظون؛ وذلك لأن أجسادهم باقية، لم تأكلها الأرض، ومن نظر إليهم في تلك الحال ظن أنهم أحياء، أو أنهم مستيقظون، ولكن هم في الأصل وفي الحقيقة نيام أو أموات.
وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ من آيات الله أنه يقلبهم وهم أموات كيف ينقلب إلى جنبه الأيمن، ثم إلى جنبه الأيسر لماذا؟ حتى لا تأكلهم الأرض مع طول المدة.
وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ فهذا من آيات الله، ولذلك بقيت أبدانهم طوال هذه المدة، حيث إن الله تعالى يقلبهم. يعني: يجعل فيهم شيئا من الحركة ينقلبون، أو تقلِّبهم الملائكة بأمر الله، أو يقول الله لهم: انقلبوا.. فينقلبون يمينا، ثم شمالا كل يوم مرة أو مرتين، أو كل يومين، أو كل شهر، أو نحو ذلك؛ فهذا من الحكمة، من حِكْمَةِ الله تعالى حتى تبقى أبدانهم. لا شك أن هذا دليل على كمال قدرة الله تعالى كيف بقيت أبدانهم طوال هذه المدة؟ العادة أن الميت لا يبقى مائة سنة إلا وقد بلي وصار ترابا، وصار رفاتا، كما أخبر الله عن المشركين أنهم كانوا يقولون: أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا ؛ فهؤلاء أماتهم الله، وسخر لهم من حفظهم، وتولى الله تعالى حفظهم عن أن تَبْلى أجسادهم طوال هذه المدة.
فلذلك يقول تعالى: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا هكذا أخبر بأنه أيضا يُقَلِّبهم في قوله: وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ .

line-bottom