جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
119726 مشاهدة print word pdf
line-top
قرية تقتل رجلا وتتخذه وليا وشفيعا

...............................................................................


وسمعت حكاية: أن أهل قرية قالوا: ليس عندنا أحد من الأولياء، ولا من السادة! زارهم بعض مَنْ يسمونهم سادة وأشراف، زارهم إنسان، ولما أراد أن ينصرف، قالوا: لا يمكن أن تنصرف! نحن ما عندنا سيد!! لا بد أن نقتلك، وأن نقبرك، وأن نجعلك سيدا لنا!! فحاول فيهم، فقتلوه، وقالوا: نتخذك وليا!! عجبا لكم!!! أتقتلونه، وترجون أن يشفع لكم؟! أتقتلونه، وتدعونه مع الله؟! وترجون أن ينفعكم؟!! يقولون: نعم، إنه من السادة، إنه سيد ..! فإذا كان من السادة من أقارب النبي-صلى الله عليه وسلم- فإنه ينفعنا، فيشفع لنا.
وهكذا يُخَيَّلُ إلى مثل هؤلاء أن هذا ليس بعبادة؛ فيسمونه بهذه الأسماء، وهو في الحقيقة: إله؛ وذلك لأنهم يظنون أن الله جعل لِخَوَاصِّ الخلق عنده منزلة يرضى أن يلتجئ الإنسان إليهم! مَنِ المراد بِخَوَاصِّ خلقه؟ هؤلاء الذين يسمونهم أولياء.. أن الله جعل لهم منزلة رفيعة، وأن هذه المنزلة إذا وصلوا إليها استحقوا أن يُدْعَوا، وأن يُلْتَجَأ إليهم، يرضى الله أنهم يلتجئون إليهم، وأنهم إذا التجئوا إليهم؛ فإنهم ينفعونهم، ويدفعون عنهم، ويشفعون لهم؛ ولذلك يفعلون عندهم الأفاعيل! وانتشر هذا كثيرا في كثير من البلاد. وهذا حقيقة التأله عندهم.

line-bottom