الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
114230 مشاهدة print word pdf
line-top
الرجاء

...............................................................................


وكذلك لا يرجى غيره، الرجاء: تعلق القلب بالمرجو؛ وذلك بأن يطمع في فضله، ويرجو ثوابه، فيعرف بأنه أهل أن يرجى؛ لأنه أهل التقوى وأهل المغفرة.
الرجاء: هو الطمع في فضل الله -تعالى-. وقد تكلم العلماء في فضل الرجاء، فطالوا فيه؛ ولكن كأنهم يقولون: إن الإنسان يغلّب جانب الخوف في الصحة، وجانب الرجاء في المرض؛ حتى إذا مات مات وهو على رجاء -يرجو أجر الله-.
والخوف والرجاء -دائما- يجمعهما الله تعالى، قد أطال العلماء في أسباب الجمع، من ذلك قول الله تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ جمع بين يرجون ويخافون.
ما الذي يحملهم على أن يرجوا؟ إذا تذكروا عظيم ثوابه، وإذا تذكروا سعة رحمته؛ فإنهم يرجون رحمته.
ما الذي حملهم على الخوف؟ إذا تذكروا بطشه وشدة عقابه؛ فإنهم يخافون عقابه.
ولكن.. يجمعون بينهما؛ حتى مثلَّ كثير من العلماء الخوف والرجاء بالجناحين للطائر، أي: أنه يسوى بينهما، فلا يميل أحدهما على الآخر، يجعل رجاءه وخوفه متساويين.
يحمله الرجاء على أن يطمع في فضل الله، ويحمله الخوف على أن يخشى عقاب الله ويترك معصيته.
يحمله الرجاء على الطلب للجنة، ويحمله الخوف على الهرب من النار.
ومثلَّ بعضهم -الثلاثة الذين ذكرنا: الخوف، والرجاء، والمحبة- بالطائر، فيقولون:
المحبة رأس الطائر، والخوف والرجاء جناحاه.
فمعلوم أنه إذا قطع رأسه مات، وإذا قطع أحد جناحيه اختل طيرانه، وإذا قطع الجناحان تحسر وترك الطيران، فلا بد من الجمع.. خائفا، راجيا، محبا. لا يرجو إلا الله.
ثم إن للرجاء حدودا؛ وذلك لأن كثيرا يتعلقون بالرجاء ويسرفون؛ فيعملون السيئات، ويكثرون منها، ويقولون: نرجو إذا نصحت أحدهم -نصحته- لماذا تسرف على نفسك؟ لماذا تكثر من السيئات؟ لماذا تتساهل بأمر الصلاة؟ وتتعاطى هذه المحرمات؟ معاملات محرمات، أو أشربة محرمة، أو أفعالا محرمة كحلق اللحى والتكبر وإطالة اللباس وما أشبه ذلك. إذا نصحته يقول: أرجو رحمة الله، ما هنا إلا رحمة الله، رحمة الله واسعة، لا تتحجروا، لا تحجروا رحمة الله. هكذا يقولون.
ونحن نقول: إن رحمة الله لها أسباب إن لها وسائل، فعليكم أن تأتوا بأسبابها، تذكروا قول الله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا -فسأكتبها لمن؟ - لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ إلى آخر الآية.. فجعل لها أهلا -أي- ليست لكل من رجا.
والحاصل.. أن الإنسان لا يرجو إلا الله، هذا عن جملة توحيد الألوهية، ألا يرجو إلا الله وحده لا شريك له، وكذلك أيضا بقية أنواع العبادة.

line-bottom