جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
103412 مشاهدة
فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

إن فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة لا يمكن حصرها، ومن خلال تتبع الآيات والأحاديث وكلام السلف -رحمهم الله- فإننا نخلص إلى بعض هذه الفضائل فمن ذلك:
1 - بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتمكن الدِّين ويعم الصلاح: قال -تعالى- وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا .
2- وفي القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أسباب النصر على الأعداء: قال -تعالى- وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ .
3- وفي القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحصل الأمن من الفتنة والهلاك العام: ففي الصحيحين عن أم المؤمنين زينب بنت جحش -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها فزعا يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه -وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها- فقلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم! إذا كثر الخبث . وقال -صلى الله عليه وسلم- مثل القائم في حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم اسْتَهَمُوا على سفينة... الحديث .
4- والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مكفرات الخطايا: قال -صلى الله عليه وسلم- فتنة الرجل في أهله، وماله، ونفسه، وولده، وجاره، يكفرها: الصيام، والصلاة، والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
5- وفي القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثواب كبير مما يزحزح الله القائم به عن النار.
قال -صلى الله عليه وسلم- إنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل؛ فمن كبر الله، وحمد الله، وهلل الله، وسبح الله، واستغفر الله، وعَزَل حجرا عن طريق الناس، أو شوكة، أو عظما من طريق الناس، أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر، عدد الستين والثلاثمائة فإنه يمسي يومئذ، وقد زحزح نفسه عن النار .
6- والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب الظفر بعظيم الأجور: قال -تعالى- لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا .
7- والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب التوفيق للدعاء والإجابة: قال -صلى الله عليه وسلم- مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم .
8- وفي القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رفع الحرج عن المتخلفين الضعفاء: قال -تعالى- لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ .
9- والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من المفلحين: قال -تعالى- وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
10 - البشارة لمن قام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قال -تعالى- التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ .

11- والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب لرفع العذاب: قال -تعالى- فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ .
12- والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجلب رحمة الله: قال -تعالى- وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .
هذه بعض فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها كثير، نسأل الله أن يوفقنا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والله أعلم.