الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
127813 مشاهدة print word pdf
line-top
حكم لمز ولاة الأمور علماء وأمراء

وسئل فضيلته، عفا الله عنه: ما رأيكم فيمن يلمز ولاة الأمور علماء وأمراء؟ ويقوم بتوزيع النشرات ضدهم ؟ وما الحقيق بمثله؟
فأجاب: لا شك أنه خطأ من الفعل وغلط كبير، وذلك لأن الواجب هو النصح المباشر لكل من صدر عنه خطأ، أما إفشاء الأسرار والطعن في الولاة أو المسئولين أو في علماء الأمة، ونشر الفضائح ونشر الأسرار، فهذا مما يسيء السمعة، ومما يسبب الفضيحة، وهو نشر ما لا يجوز نشره، وإفشاء ما لا يجوز إفشاؤه، فبعض ما ينشر؛ بل أكثره مكذوب، وبعضه مغير فيه بزيادة أو نقص، وقد يكون هناك أعذار ومبررات لمن صدرت منه تلك الأفعال.
فنقول: لا يجوز توزيع هذه النشرات التي تحتوي على هذه الفضائح أو هذه الغلطات أو الأخطاء ونحوها؛ سواء كانت متعلقة بالولاة، أو متعلقة بأئمة المسلمين، وذلك لأن هؤلاء جميعا لهم نظرهم ولهم اجتهادهم، وقد تكون هناك مبررات لما صدر منهم، وهذا الذي يكتب أو يتكلم عنهم لم يدر ما سببه، ولم يدر ما عذرهم في ذلك، والغالب أن مثل هؤلاء الذين يتكلمون يغلب عليهم التساهل في النقل، فيصدقون كل ما قيل في المجالس، ولو على وجه المزاح أو على وجه الضحك، فإذا سمعوا كلمة تقدح في عالم، أو في عضو هيئة، أو في رئيس، أو في أمير أو نحو ذلك، أضافوا إليها أمثالها، وعلقوا عليها، ونشروها، وتكلموا في ذلك الشخص، وعدُّوا ذلك عيبا ونقصا ومثلبة، فيصدقهم الجهال، ويسيئون الظن بولاة أمورهم، وبعلمائهم ومسئوليهم، وإذا بحث عن حقيقة الأمر لم يعثر على صحة ما يقال، ولو صح فلا يجوز نقله ولا قوله، لما فيه من بث الفرقة والاختلاف.
وما نصيحتكم لمثل هؤلاء؟
ننصح بعدم نشر تلك الأقوال وتلك النشرات، حتى تموت وتخمد، ولا يكون لها ذكر، ولا يفشو الكذب، وهذا الظلم والبهتان، أو هذا الكلام الذي له مبرر وعذر من الأعذار.

line-bottom