الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
100585 مشاهدة
الفرق بين النفاق والرياء وأيهما أضر

وسئل -وفقه الله- ما الفرق بين النفاق والرياء ؟ وأيهما أضر على المسلم الداعية؟
فأجاب: كلاهما محرم وضار على الأمة أفرادا وجماعات، ولا شك أن النفاق شرهما، حيث إن المنافق -وهو من يظهر الإسلام ويبطن الكفر- هو محل ثقة عند العامة، لأنهم يشاهدونه معهم في المساجد والمدارس والمجتمعات، يساهم في الخيرات، ويؤدي الصلوات، ويتصدق ويحج ويجاهد، مع أنه في الباطن ضد المسلمين، فهو يتربص بهم الدوائر، ويُطْلع الكفار على أسرار المسلمين، ومتى تمكن وحانت الفرصة وثب على إخوته وجيرانه كالأسد، وقتل وسلب ونهب، فلذلك قال -تعالى- فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ووصفهم بقوله -تعالى- الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
فأما الرياء فهو أن يظهر أن عمله لله، وهو لا يريد به إلا التمدح والسمعة الحسنة عند الناس، ويدخل في الأعمال والأقوال، وهو مما يحبط العمل الذي قارنه، ويقول الله -تعالى- لأهله: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون فانظروا هل تجدون عندهم من ثواب أعمالكم شيئا. وسماه النبي -صلى الله عليه وسلم- الشرك الأصغر، وخافه على صحابته ومنه أن يأمر بالمعروف ويتركه، وينهى عن المنكر ويفعله، فإن هذا من أكبر الرياء الذي يستحق به العقوبة في الآخرة. والله أعلم.