إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
103260 مشاهدة
فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إجمالا وتفصيلا

سئل -أَمَدَّ الله في عمره بالطاعة- هل لكم أن تبينوا لنا فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إجمالا وتفصيلا ؟
فأجاب: لا شك أن القائمين بهذه الوظيفة هم أهل الفضل والمن على بقية الناس، ذلك بأنهم قاموا بفرض الكفاية الذي أوجبه الله على جنس المسلمين، وأمرهم بأن يكلفوا به طائفة منهم تحصل بهم الكفاية، ويندفع بهم الشر، ويذل أهله، ويظهر بواسطتهم الحق وأمر الله، وتعلو كلمته على كلمة الكفر والفسوق والعصيان، ولذلك قال -تعالى- وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فجعل هذا الفرض على أمة أي طائفة من الناس يؤدون هذا الواجب على الأمة، حتى يحصل لهم الثواب على قمع الشر وأهله.
فهذا الواجب الكفائي إذا قام به بعضهم سقط الإثم عن الباقين، فإن تكاسلوا وتركوا العصاة والمخالفين يظهرون المعاصي ويجاهرون بالذنوب، فإن الإثم يعم الجميع، فعموم العقوبة دليل على تكليف الجميع.
وقد حذر الله العباد من الفتنة التي تعم أهل البلد أو المكان الذي تظهر فيه هذه الفتن والمنكرات، فقال -تعالى- وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً أي لا تقتصر على العصاة وحدهم، بل تعمهم وتعم الساكتين مع القدرة.
وعلى هذا فأهل الحسبة يحصل بهم أمن البلاد من العقوبات العامة، فمتى بذلوا جهدهم، وقاموا بالمقدور، أثابهم الله وهداهم، لقوله -تعالى- وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ .
فمتى ظهر هذا الأمر وقوي أهله، وأعطوا من الصلاحيات ما يخولهم للقضاء على بؤر الفساد، ومحو المعاصي، وإذلال أهلها، فإن الله -تعالى- يدفع البلاء عن البلاد، ويظهر فيهم الخير والصلاح، ويسود الأمن والطمأنينة، ويحيى العباد حياة طيبة، ويأمنوا على أنفسهم وأهليهم، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو وظيفة الرسل وأتباعهم، فأهل الحسبة هم خلفاء الرسل وأتباعهم، والواجب أن يمكنوا من التغيير، ومن تنفيذ العقوبات على من سولت له نفسه الإقدام على المعصية، وأن تكون لهم الصلاحية التامة في الجلد والسجن والضرب والتأديب والتنكيل؛ حيث إنهم لا يهدفون إلى مصلحة تخصهم، بل يعملون نيابة عن الأمة، ومتى وقع منهم خطأ أو زيادة في العقوبة، ولو وصلت إلى القتل فلا يؤاخذون، ولا يحملون أرش الخطأ، فهم رجال الدولة وسلاحها.
كما لا يجوز أن تصدق فيهم أقوال الخصوم الذين هم أعداء لهم وأعداء للدين، فإنهم بلا شك سيختلقون ضدهم ما لا حد له من الأكاذيب والترهات، ويلصقون بهم أقوالا وأفعالا لا يصدقها عاقل، ومرادهم بذلك شينهم والقدح فيهم، فإن لكل نعمة حاسد، فلا يقبل كلام الخصم في غيبة خصمه، وهكذا كان الأمر في حال قوة الإسلام وظهوره، والله المستعان.