شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
120305 مشاهدة print word pdf
line-top
العمل في المؤسسات التي فيها منكرات

وسئل الشيخ نفع الله بعلمه: ما حكم العمل في المؤسسات التي فيها منكرات شرعية ؟
فأجاب: المنكرات توجد في كل مؤسسة وفي كل الشركات الكبيرة غالبا. فلا تخلو مؤسسة من وجود من يتساهل بالصلاة، أو من يحلق لحيته، أو من يسبل في لباسه، أو من يشرب الدخان، أو يسمع الغناء، أو نحو ذلك من المنكرات، ولو قلنا: لا يجوز العمل في مثل هذا كله، لم يجد أصحاب الخير لهم مجالا يشتغلون فيه، وإن وجود أصحاب الخير، وأصحاب الدين وأصحاب الصلاح في أي مجال هو مما يخفف من الشر، لأن وجودهم يجعل في أصحاب هذه المنكرات شيئا من الإهانة والذل، والشعور أن هناك من ينكر عليهم تلك المنكرات، ومن يبين خطأهم، ويفند شبهاتهم، ونحو ذلك.
فإذا وجدت في عملك شيئا من المنكرات مثل الظلم، أو التبرج، أو وجود ظاهرة عدم النظام، أو ترك الصلوات، أو ما أشبه ذلك، أو وجود مبتدعة يعملون فيها من رافضة أو نحوها، فلا يترك لهم المجال، ولا تترك الشركة كلها لمثل هؤلاء، بل نزاحمهم، ونعمل فيها حتى يكون لنا مكانة، ويكون لنا ظهور، ويكون لنا معنوية، فيقل الشر، ويقوى الخير ويقوى أهله، وعلينا أن نحرص على تعلم العلوم كلها التي تتعلق بالدين والدنيا، وإذا تعلمناها، ونحن أهل عقيدة وصلاح ودين، وشغلنا الوظائف الحكومية بالعمل فيها فلن نترك مجالا ليتمكن الأشرار والمبتدعة فيها.
بخلاف ما إذا بقينا لم نتعلم هذه العلوم، ولو كانت دنيوية، ثم تولاها أولئك الأشرار، والمبتدعة، فإنهم يتحكمون فيها، ويولونها أصحابهم، ومن على نهجهم وعقيدتهم، فيكثر الأشرار، ويضعف الأخيار!
فمتى كان مدير المدرسة مثلا من أهل الشر أو البدعة، فإنه عادة لن يوظف فيها مدرسا إلا من كان على نهجه وشكله وعقيدته، وإن كان من أهل الخير فسح المجال لغيره من أهل الخير، وأدخلهم ومكن لهم وأبعد الأشرار عنها، وكذلك كل رئيس لدائرة؛ إذا كان صالحا فإنه يقرب أهل الخير، وأهل الصلاح، وإذا كان فاسدا ولَّى أهل الشر وأهل الفساد، وأبعد أهل الصلاح والإخلاص، وكذلك إذا تقدمت إلى عمل من الأعمال ومعك ما يؤهلك لذلك العمل ولم تقبل، فإن لك أن تراجع من هو فوق ذلك الذي ردك، وتذكر أنه ما قصد إلا إهانتك لأجل تمسكك وإخلاصك في عملك، ويدعي أنك ضد له، وأنك تعرقل سيره وعمله، فإذا شكوت إلى من فوقه، أو عرف أنك ستصل إلى الرئيس والوالي العام وتفضحه على تحيزه وتظهر المظلمة، فإنه سيخجل ويترك تشدده على من ليس على طريقته، ويتساهل في تقبل كل من تقدم للعمل ممن يحمل المؤهل المطلوب، ولو كان من أهل الخير والصلاح، فيكثر الصلاح، ويكثر أهله، والله أعلم.

line-bottom