الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
103261 مشاهدة
هل تبرأ الذمة عند رؤية منكر بالكتابة للهيئة

وسئل وفقه الله: هل تبرأ الذمة عندما نرى منكرا من المنكرات في المحلات العامة بالكتابة للهيئات والمسؤولين فيها ؟ أم يجب علينا الإنكار حالا على قدر الاستطاعة؟
فأجاب: لا شك أن المحلات العامة غالبا يكون المنكر فيها بارزا للعيان، يراه الخاص والعام، وذلك كالصور المجسمة المنصوبة في المعارض، كدعاية لبعض الأكسية، ومثل رفع صوت الأغاني بواسطة التلفاز وأشرطة الفيديو، وقد يكون خفيا كالسفور والتبرج عند خلوة المرأة بصاحب المعرض وحصول كلام رقيق ومعاكسة إلخ.
فأما البارز الظاهر فإن صاحبه يعرف حكمه، وقد أنكره عليه كثيرون، ولكنه متأول فتبرأ الذمة بإخبار أهل الحسبة وإبلاغهم كتابة أو مكالمة، ولا يكفي ذلك عن نصح صاحب المحل وتكرار نهيه مرة بعد مرة، رجاء أن يتأثر ويرتدع، أو يكون جاهلا بالحكم وانخدع بإقرار الجماهير.
وأما الخفي من المنكرات فلا بد من الإنكار من كل من رآه والتشديد عليه ومراقبته وتحذيره من العقوبة الرادعة، ثم إخبار أهل الحسبة بذلك، وهنالك تبرأ الذمة إذا رفع الخبر إليهم مرة بعد مرة، والله أعلم.