القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شفاء العليل شرح منار السبيل
200461 مشاهدة
الموالاة

قوله: [والموالاة] لحديث خالد بن معدان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدميه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء رواه أحمد وأبو داود وزاد والصلاة ولو لم تجب الموالاة لأمره بغسل اللمعة فقط.


الشرح: الفرض السادس من فروض الوضوء: الموالاة وهي عبارة عن الإتيان بجميع الطهارة في زمن متصل عادة دون تفريق كثير، ودليل ذلك قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وجواب الشرط وهو فاغسلوا يكون متتابعا لا يتأخر، ولأنه -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، فلو لم تكن الموالاة فرضا لاكتفى -صلى الله عليه وسلم- بأمره بإعادة غسل الرجلين دون غيرها من أعضاء الوضوء.
وحقيقة الموالاة أن لا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله، فلا يؤخر غسل اليدين مثلا حتى يجف وجهه، أو يؤخر مسح الرأس حتى تجف اليدان، أو يؤخر غسل الرجلين حتى يجف الرأس، بل يوالي بين وضوئه.
والعبرة في ذلك بالزمن المعتدل احترازا من زمن الشتاء والرطوبة الذي يتأخر فيه جفاف الأعضاء، وزمن الحر والريح الذي يسرع فيه جفافها.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الموالاة سنة وليست بفرض؛ لأن الله قد أمر بغسل الأعضاء، وهذا يحصل بالتوالي وبالتفريق.
والصواب أن الموالاة فرض من فروض الوضوء- لما سبق من الأدلة- ولكنها تسقط إذا اشتغل الإنسان بأمر يتعلق بالطهارة، فمثلا لو كان في أحد أعضاء المتوضئ حائل يمنع وصول الماء إليه فاشتغل بإزالته حتى نشف العضو السابق، فإن هذا لا يضره ولا يمنع الموالاة؛ لأنه قد اشتغل بأمر يتعلق بالطهارة، أما إذا فاتت الموالاة بأمر لا يتعلق بالطهارة فإنه يعيد وضوءه من جديد.