عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شفاء العليل شرح منار السبيل
200564 مشاهدة
حد النفاس

قوله: [ والنفاس لا حد لأقله ] لأنه لم يرد تحديده فرجع فيه إلى الوجود. وقد وجد قليلا وكثيرا، وروي أن امرأة ولدت على عهده -صلى الله عليه وسلم- فلم تر دما فسميت ذات الجفوف .


الشرح: النفاس تابع للحيض، وهو مشتق من التنفس، الذي هو خروج النفس، وذلك لأن المرأة بخروج المولود منها يقال لها نفست.
وقد ورد في السنة تسمية الحيض نفاسا، وذلك لما حاضت عائشة مرة قال لها النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلك نفست فأطلق على الحيض نفاسا، لاشتراكهما في خروج الدم.
والنفاس في اصطلاح الفقهاء، هو الدم الذي يخرج من المرأة بعد الولادة، أو معها.
وهذا الدم لا يتحمله كله الجنين، فيبقى بعضه يحتقن في الرحم ولا يخرج، فإذا ولدت المرأة خرج بعد الولادة، وسمي دم نفاس، وهو يخرج متتابعا كخروج دم الحيض.
وقد اختلف العلماء في أقله، والصحيح أنه لا حد لأقله، فقد وجد من النساء من لا يخرج منها دم بعد الولادة كما ذكر الشارح، وهذه قد يكون دمها ضعيفا في حال الصحة، وفي حال الحيض، فانصرف كله غذاء لحملها، فلم يبق منه شيء فاضل، فلما ولدت لم يخرج منها دم أصلا.
وقد روي أن عائشة رأت امرأة ولدت فلم تر دما، فقالت لها عائشة أنت امرأة طهرك الله .
وقد ذكر بعضهم حكاية فكاهية وهي أن امرأة كانت ضعيفة العقل، وكانت ضرة لامرأة أخرى ذات عقل ومعرفة، وهذه السقيمة كانت حبلى، فلما ذهبت تتبول وضعت ولدها حال جلوسها ولم تشعر أنه مولود، فرجعت إلى ضرتها فقالت لها: أي عمتاه: هل البعر يفتح فاه؟
فقالت: نعم يفتح فاه، ويدعو أباه !!
فذهبت المرأة العاقلة إلى المولود وأخذته، وغذته ونسبته إلى نفسها، وكان زوجها غائبا، فلم تعترف به للأولى التي ولدته.
والشاهد أن أمه لم تر دما، ولم تشعر أنه قد ولد منها، فهذا يدل على أنه قد يوجد من النساء من لا يخرج منها دم بعد الولادة، وأن السبب هو ضعف بنيتها في حالة الصحة، وقلة دمها الذي ينصرف كله غذاء للجنين- كما مضى-.
ومنهن من يبقى معها دم يستمر يوما أو يومين، أو خمسة، أو أسبوعا، أو أقل، أو أكثر، فلا حد لأقله.