شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شفاء العليل شرح منار السبيل
200489 مشاهدة
اللبث في المسجد

قوله: أو [واللبث في المسجد] لقوله -صلى الله عليه وسلم- لا أحل المسجد لجنب، ولا حائض رواه أبو داود .
[وكذا المرور فيه إن خافت تلويثه] فإن أمنت تلويثه لم يحرم، لقوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة ناوليني الخمرة من المسجد فقالت: إني حائض فقال: إن حيضتك ليست في يدك رواه الجماعة، إلا البخاري .


الشرح: وهذا- أيضا - مما يحرم على الحائض فعله، وهو لبثها في المسجد، واللبث هو أن تمكث في المسجد، سواء لحاجة أم لغير حاجة، وذلك لملابستها للنجاسة المستمرة معها بخروج دم الحيض، والمساجد مما أمر الله بتطهيرها عن النجاسات لأنها محل لعبادته تعالى ، قال سبحانه: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ .
ودليل هذه المسألة قوله كله في الحديث الذي ذكره الشارح، ونصه عن عائشة قالت: جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، ثم دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن ينزل فيهم رخصة، فخرج إليهم بعد فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب فهذا الحديث يدل على عدم جواز لبث الحائض في المسجد وهو وإن ضعفه بعض العلماء فقد صححه آخرون كابن خزيمة و الشوكاني ومما يشهد لهذا قوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة لما حاضت في حجة الوداع افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت لأن الطواف يلزم منه دخول المسجد. وهكذا يشهد له أمره -صلى الله عليه وسلم- للحيض أن يخرجن مع الناس يوم العيد ليشهدن الخير ودعوة المسلمين مع اعتزالهن المصلى .
ومما يحرم على الحائض- أيضا - مرورها في المسجد إذا خافت تلويثه بدم الحيض، أما إذا أمنت من ذلك بأن كانت متحفظة، فلا بأس من المرور فيه إذا احتاجت لذلك للحديث الذي ذكره الشارح عن عائشة - رضي الله عنها- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لها: ناوليني الخمرة من المسجد فقالت: إني حائض. فقال -صلى الله عليه وسلم- إن حيضتك ليست في يدك وعن ميمونة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل على إحدانا وهي حائض فيضع رأسه في حجرها فيقرأ القرآن وهي حائض، فتقوم إحدانا بخمرته فتضعها في المسجد وهي حائض رواه أحمد ففي هذين الحديثين دليل على جواز دخول المرأة الحائض المسجد ومرورها فيه لحاجة تعرض لها إذا أمنت تلويثه. أما المكث فيه والجلوس فلا- كما سبق بيانه-.
ومما يشهد لهذا- أيضا - قول عائشة - رضي الله عنها- إني حائض فكأنه قد كان متقررا عندهم أن الحائض لا يجوز لها أن تدخل المسجد، فبين لها -صلى الله عليه وسلم- أن النهي خاص بالمكث فيه، لا بالمرور أو الدخول لحاجة.