شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شفاء العليل شرح منار السبيل
200557 مشاهدة
خروج النجاسة من بقية البدن

قوله: [ الثاني: خروج النجاسة من بقية البدن، فإن كان بولا أو غائطا نقض مطلقا] لدخوله في النصوص السابقة.
[وإن كان غيرهما كالدم والقيء نقض إن فحش في نفسي كل أحد بحبسه] لقوله -صلى الله عليه وسلم- لفاطمة بنت أبي حبيش إنه دم عرق فتوضئي لكل صلاة رواه الترمذي . وروى معدان بن طلحة عن أبي الدرداء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاء فتوضأ فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت له ذلك، فقال: صدق، أنا صببت له وضوءه.
رواه أحمد والترمذي وقال: هذا أصح شيء في هذا الباب ولا ينقض اليسير لقول ابن عباس في الدم: إذا كان فاحشا فعليه الإعادة قال أحمد عدة من الصحابة تكلموا فيه ابن عمر عصر بثرة فخرج دم وصلى ولم يتوضأ وابن أبي أوفى عصر دملا وذكر غيرهم ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم، فكان إجماعا. قال في الكافي والقيح والصديد كالدم فيما ذكرنا، قال أحمد هما أخف على حكما من الدم.


الشرح: البول والغائط إذا خرجا من غير موضعهما المعتاد فإنهما ينقضان الوضوء سواء كان خروجهما قليلا أم كثيرا، كما لو خرج البول من فوق العانة، أو من السرة، فإنه ناقض بكل حال، وهكذا الغائط مثله، فهما ناقضان مطلقا، وإن كان خروجهما من غير المحل نادر الوقوع.
وأما الخارج من غير السبيلين وليس بولا أو غائطا فكالقيء، والدم، والصديد، وما أشبه ذلك، فهذا الخارج إما أن يكون قليلا أو كثيرا، فإن كان قليلا كملء الفم من القيء، أو نقطة أو نقطتين من صديد، أو من دم، فإنه لا ينقض، لقصة ابن عمر أنه عصر بثرة، ثم خرج وصلى، ولم يتوضأ، وقد فعل ذلك ابن أبي أوفى
فإن كان الخارج كثيرا فالمختار أنه ناقض، وهو قول كثير من العلماء لحديث أبي الدرداء و ثوبان أنه -صلى الله عليه وسلم- قاء فتوضأ، وهذا الحديث مشهور بلفظ: قاء فأفطر فكأنه -صلى الله عليه وسلم- وجد تأثرا من بطنه وهو صائم فاستقاء، فأفطر؛ لأنه استدعى القيء.
وأما الوضوء في قوله: قاء فتوضأ فقد ذكره بعض الرواة، ولم يذكره بعضهم بل اقتصروا على لفظ: قاء فأفطر لكن قول ثوبان أنا صببت له وضوءه مروي عندهم جميعا، وهو دليل على أنه -صلى الله عليه وسلم- توضأ بعد أن قاء، وأفطر، ففيه دليل على أن القيء من نواقض الوضوء، ويلحق به سائر النجس الخارج من البدن، ومن جملته الدم، فإنه ناقض إذا فحش؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بغسل دم الحيض، فيقاس عليه ويلحق به سائر الدماء.
ولكن: لا ينقض الدم إذا كان من خدث دائم، فقد صلى عمر - رضي الله عنة- وجرحه يثعب دما فهو معذور لأنه لا يقدر على إمساكه وإيقافه، ولو ترك الصلاة حتى يتوقف الدم لربما مضت عليه عدة صلوات وهو لم يتوقف، فلأجل ذلك صلى وجرحه يثعب دما.
ومثله الصحابي الذي رمي وهو يصلي فاستمر في صلاته، ونبه صاحبه بعد أن سالت دماؤه فهو لم يقطع الصلاة لعدم قدرته على إيقاف الدم، فهو يلحق بمن عذره وحدثه دائمان.
فالحاصل أن الدم إذا كان فاحشا فإنك ينقض الوضوء، بشرط أن لا يكون حدثا مستمرا، ومما يدل على نقضه للوضوء قوله -صلى الله عليه وسلم- في الذي يحدث في الصلاة إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ بأنفه ولينصرف ففيه دليل على أن الرعاف ناقضت للوضوء، والرعاف دم كما هو معلوم.