(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
شفاء العليل شرح منار السبيل
200456 مشاهدة
مجاوزة محل الفرض

قوله: [ومجاوزة محل الفرض] لأن أبا هريرة توضأ فغسل يده حتى أشرع في العضد، ورجله حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ وقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله .


الشرح: عرفنا- فيما مضى- حد الفرض في كل عضو من أعضاء الوضوء وقد استحب العلماء مجاوزته لحديث أبي هريرة السابق، وهذه المجاوزة لا يمكن أن تحصل إلا في عضوين من أعضاء الوضوء وهما اليدان والرجلان، فيغسل المتوضئ يديه إلى أن يجاوز المرفقين ويشرع في العضد، ويغسل رجليه فيجاوز الكعبين إلى شيء من الساق، ودليل ذلك الحديث السابق، وحديث تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء .
وذهب بعض العلماء- كشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم - إلى عدم استحباب ذلك لكي لا يتعدى بوضوئه ما حد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- قال شيخ الإسلام: (ولا يستحب إطالة الغرة، وهو مذهب مالك ورواية عن أحمد ) وقال ابن القيم (أما حديث أبي هريرة في صفة وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه غسل يديه حتى أشرع في العضدين، ورجليه حتى أشرع في الساقين، فهو إنما يدل على إدخال المرفقين والكعبين في الوضوء، ولا يدل على مسألة الإطالة) واختار هذا القول الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله- .
ومما يشهد لهذا القول أنه -صلى الله عليه وسلم- قد قال إن الله حد حدودا فلا تعتدوها والله سبحانه قد حد المرفقين والكعبين حدا في الوضوء فلا ينبغي تعديهما، ولأن هذا من الغلو، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- إياكم والغلو في الدين .
وأما حديث أبي هريرة فإن قوله: فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل فقد قال نعيم بن المجمر لا أدري قوله فمن استطاع... من قوله رسوله الله -صلى الله عليه وسلم- أو من قول أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وأما حديث الحلية فالحلية المزينة هي ما كان محله، فإذا جاوز محله لم يكن زينة، فالصواب الاقتصار على ما حد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.