شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شفاء العليل شرح منار السبيل
200488 مشاهدة
فضلات الآدمي

قوله: [وما لا يؤكل فنجس ] لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الذي يعذب في قبره إنه كان لا يتنزه من بوله متفق عليه . والغائط مثله. وقوله لعلي في المذي اغسل ذكرك . قال في الكافي: والقيء نجس لأنه طعام استحال في الجوف إلى الفساد أشبه الغائط .


الشرح: فضلات الآدمي منها ما هو طاهر، ومنها ما هو نجس.
فالبول والغائط نجسان لأنهما من نواقض الوضوء بالإجماع، لقوله تعالى: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ .
ولهذا الحديث، وهو تعذيب الذي لا يتنزه من بوله في قبره.
فدل هذا على أنه قد لامس النجاسة، فعذب لأجل ذلك.
فإذا كان هذا في البول، فالغائط أخبث منه، فيكون نجس العين.
ونجاسته لو طرأت على مكان طاهر زالت بالغسل، ولكن هو بنفسه لا ينقلب إلى طاهر؛ لأن نجس العين لا ينقلب إلى طاهر.
وهكذا مثله المذي فإنه نجس والمذي ماء رقيق يخرج لابتداء الشهوة إذا تحركت بتفكر، أو نظر، أو مس، ودليل نجاسته حديث علي - رضي الله عنه- السابق، فإنه -صلى الله عليه وسلم- أمره عند خروج المذي منه بغسل ذكره إضافة إلى الوضوء، فهذا دليل نجاسته، وهو ظاهر المذهب .
وذهب بعضهم إلى أنه يكتفى فيه بنضح المحل دون غسله، وهو اختيار شيخ الإسلام لقوله -صلى الله عليه وسلم- في بعض ألفاظ الحديث السابق يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به حيث ترى أنه أصابه ولأنه مما يشق التحرز منه فأجزأ فيه النضح كبول الغلام.
وعلى القول بالرأي الأول، وهو أنه لا يجزئ فيه إلا الغسل فإنه يغسل ذكره وأنثييه ثم يتوضأ، لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث السابق يغسل ذكره وأنثييه، ويتوضأ .
وأما القيء فإنه شيء متغير، وقد خرج من الجوف بعدما مكث فيه، فتغير طعمه، وتغير لونه، واكتسب رائحة أخرى، فلهذا هو نجس على المذهب ولكن يعفى عن يسيره كالدم، كما سيأتي.