من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شفاء العليل شرح منار السبيل
200425 مشاهدة
أراق الماء أو مر به وأمكنه الوضوء ويعلم أنه لا يجد غيره

قوله: [ ومن في الوقت أراق الماء، أو مر به وأمكنه الوضوء ويعلم أنه لا يجد غيره حرم ] لتفريطه.
[ ثم إن تيمم وصلى لم يعد ] في أحد الوجهين، والثاني يعيد؛ لأنه مفرط. قاله في الشرح ومن خرج من المصر إلى أرض من أعماله، كالحطاب، ممن لا يمكنه حمل الماء معه لوضوئه، ولا يمكنه الرجوع ليتوضأ إلا بتفويت حاجته، صلى بالتيمم ولا إعادة، قاله في الشرح .


الشرح: صورة هذا أن يكون معه ماء وبعد دخول وقت الصلاة عليه أراق هذا الماء فإنه في هذه الحال يعتبر عاصيا، ويحرم عليه التيمم؛ لأنه مفرط بإضاعته للماء، ولكن إن تيمم صحت صلاته بالتيمم ولا إعادة عليه، وهكذا مثله من مر بالماء بعد دخول الوقت وهو يعلم أنه لا يجد في طريقه غيره فإنه يعد عاصيا لتفريطه، فإن صلى بالتيمم فلا إعادة عليه.
وذهب جماعة من العلماء إلى أنه في الصورتين السابقتين يعيد الصلاة إذا وجد الماء لتفريطه، والصواب أنه لا يعيد.
وأما قول الشارح (ومن خرج من المصر إلى أرض من أعماله... إلخ) صورة هذا: إذا خرج إنسان إلى موضع قريب لا احتشاش، أو احتطاب، أو صيد، وكان راجلا أو على حمار ونحوه، فإنه يصعب عليه حمل الماء لقرب المكان، وعزمه على الرجوع في يومه، ولمشقة حمل الماء معه، ففي هذه الحال يباح له التيمم لمشقة الرجوع والبعد غالبا، ويتصور هذا في الزمن القديم، أما في هذه الأزمنة فقد تقاربت الأماكن بوجود السيارات، فلا عذر له في ترك الماء، ولا في الذهاب لاجتلابه، لسهولة الوصول إليه غالبا قبل خروج الوقت بواسطة السيارات ونحوها.