جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شفاء العليل شرح منار السبيل
200656 مشاهدة
اشتراط تقدم الطهارة على المسح على الجبيرة

قوله: [ولا مسح ما لم توضع على طهارة وتجاوز المحل، فيغسل] الصحيح [و يمسح، ويتيمم] خروجا من الخلاف.
وعن أحمد لا يشترط تقدم الطهارة لها، لحديث صاحب الشجة؛ لأنه لم يذكر الطهارة، ويحتمل أن يشترط التيمم عند العجز عن الطهارة؛ لأن فيه إنما يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه ثم يمسح عليها .
ومثلها دواء ألصق على الجرح ونحوه، فخاف من نزعه، نص عليه. وقد روى الأثرم عن ابن عمر أنه خرج بإبهامه قرحة فألقمها مرارة فكان يتوضأ عليها. وقال مالك في الظفر يسقط:
يكسوه مصطكي ويمسح عليه.


الشرح: قد مضى معنا أن القول الصحيح هو عدم اشتراط الطهارة للبس الجبيرة وهي رواية عن أحمد كما ذكر الشارح. ثم بين الشارح- رحمه الله- أن هذا الحكم- وهو المسح- ليس خاصا بالجبيرة فقط، بل يلحق بذلك اللصوق، وهو دواء يوضع على الجرح، ويسمى لصوقا لأنه تلصق بالجرح، فللإنسان أن يمسح على اللصوق إذا كان قد يبسن على فم الجرح أو القرحة ونحوها.
فإن كان اللصوق رطبا ويتأثر بإمرار الماء عليه، فإنه يمسح ما يقدر عليه، فإن لم يقدر على مسح شيء منه اكتفى بمسح ما حوله، أو بغسله، وتيمم عنه.
ومثله إذا خرج في رأس أصبعه قرحة، ثم عقدة بخرقة أو دواء ونحوه، كما فعل ابن عمر فإنه أدخل أصبعه في مرارة، وهي مرارة الشاة، وعقد عليه، وصار يغسله أو يمسحه، واكتفى بذلك عن التيمم.
بل لم يذكر أنه تيمم، فالروايات الصحيحة الثابتة عنه لم يذكر فيها التيمم.
ومثله الظفر إذ انخلع وخشي أن يتألم فإنه يكسوه بمصطكي، والمصطكي: دواء معروف يشبه العلك أو اللبان ونحوه، له قوة إمساك، يسحق، ثم يبل بماء، ثم يجعل على الجرح، ثم يمسح عليه أو يغسله إن لم يتضرر بالغسل، ويكفي ذلك عن التيمم.
ومثله في هذه الأزمنة اللصقة التي توضع على البدن لحاجة، مثل الفتق في عضو من الأعضاء، وهذه اللصقة تشغل حيزا من البدن، فيجوز أن يمسح عليها، أو يغسلها إذا كانت لا تتضرر، والعادة أنها لا تتضرر بالقول، وحيث أنها تلبس اختيارا في الوقت الذي يختاره صاحبها فإنه يلزم عليه غسل محلها إذا كانت في غير أماكن الوضوء حتى إذا أصابه حدث أكبر لم يحتج إلى أن يتيمم، فإن كانت في أماكن الوضوء فعليه أن يتوضأ وضوء كاملا لرفع الحدث الأصغر ثم يلصقها، وهي عادة لا مشقة في غسلها وإمرار الماء عليها، وذلك كاف عن مسحها أو التيمم لها.