إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شفاء العليل شرح منار السبيل
200386 مشاهدة
مقدمة صاحب المتن (دليل الطالب) مع شرحها لابن ضويان

[بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين] ابتدأ كتابه بالبسملة ثم بالحمدَلة اقتداء بكتاب الله -عز وجل- وعملا بحديث: كل أمر ذي بال، لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر أي ذاهبُ البركة، رواه الخطيب والحافظ عبد القادر الرهاوي وبحديث: كل أمر ذي بال لا يُبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع وفي رواية: بحمد الله وفي رواية: بالحمد وفي رواية: فهو أجذم رواها الحافظ الرهاوي في الأربعين له .
[وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مالك يوم الدين] قال ابن عباس و مقاتل قاضي يوم الحساب، وقال قتادة الدِّين: الجزاء، وإنما خصّ يوم الدين بالذكر مع كونه مالكا للأيام كلها؛ لأن الأملاك يومئذ زائلة، فلا ملكَ ولا أمرَ إلا له.
[وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبيِّن لأحكام شرائع الدِّين] بأقواله، وأفعاله، وتقريراته، والدِّين هنا: الإسلام، قال تعالى: وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا وقال -صلى الله عليه وسلم- في حديث عمر هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم .
[الفائز بمنتهى الإرادات من ربه] كالحوض المورود، والمقام المحمود، وغير ذلك من خصائصه، قال تعالى: وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى الفوز والنجاة والظفر بالخير، قاله في القاموس.
[فمن تمسك بشريعته] بفعل المأمورات، واجتناب المنهيات.
[فهو من الفائزين] في الدنيا والآخرة.
[صلى الله وسلم عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين] حكى البخاري في صحيحه عن أبي العالية الصلاة من الله -تعالى ثناؤه- على عبده في الملأ الأعلى وقيل: الرحمة، وقيل: رحمةٌ مقرونةٌ بتعظيم.
وتُستحب الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ولقوله -صلى الله عليه وسلم- أكثروا عليَّ من الصلاة وتتأكد في ليلة الجمعة ويومها، وعند ذكره، وقيل تجب؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- البخيل من ذُكِرتُ عنده فلم يصلِّ علي وحديث: رغم أنفُ رجلٍ ذُكرتُ عنده فلم يصلِّ علي وهي ركنٌ في التشهد الأخير، وخطبتي الجمعة -كما يأتي-.
والنبي: إنسان أُوحي إليه بشرعٍ ولم يؤمر بتبليغه، فإن أُمِر بتبليغه فهو رسول.
[وعلى آله وصحبه أجمعين] وآل النبي أتباعه على دينه (وهو) الصحيح عندنا، وقيل أقاربه المؤمنون، والصَّحب اسمُ جمع لصاحب بمعنى الصحابي، وهو من اجتمع بالنبي -صلى الله عليه وسلم- مؤمنا ومات على ذلك، وجمع بين الآل والصَّحب ردا على الشيعة المبتدعة، حيث يوالون الآل دون الصحب.
[وبعد] يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر استحبابا، في الخطب والمكاتبات، لفعله عليه السلام .
[فهذا مختصر] وهو ما قل لفظه وكثر معناه، قال علي -رضي الله عنه- خير الكلام ما قلَّ ودلَّ، ولم يُطَل فيُمَلّ.
[في الفقه] وهو لغةً الفهم، واصطلاحا: معرفة الأحكام الشرعية الفرعية بالاستدلال بالفعل، أو بالقوة القريبة.
[على المذهب الأحمد مذهب الإمام أحمد ] بن محمد بن حنبل الشيباني -رضي الله عنه وأرضاه- وُلِدَ ببغداد في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة، ومات بها في ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائتين، وفضائله ومناقبه شهيرة.
[بالغتُ في إيضاحه رجاء الغفران ] من الله -جل وعلا-.
[وبيّنت فيه الأحكام أحسن بيان] والأحكام خمسة: الوجوب، والحُرمة، والندب، والكراهة، والإباحة.
[لم أذكر فيه إلا ما جزم بصحته أهلُ التصحيح والعرفان، وعليه الفتوى فيما بين أهل الترجيح والإتقان] من المتأخرين.
[وسميته بدليل الطالب لنيل المطالب، والله أسأل أن ينفع به من اشتغل به من المسلمين ]
[وأن يرحمني والمسلمين إنه أرحم الراحمين] آمين.