الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
شرح كتاب الآجرومية
111782 مشاهدة
القيد الثاني: التركيب

وأما التركيب، فإنه في اللغة: وضع شيء على شيء، يكون راكبا عليه، فهذه الطاولة مثلا رُكِّب عليها هذا الجهاز، فيُسَمَّى تركيبا، يعني: أنه شيء وضع على شيء، فصار راكبا عليه، ومنه سُمِّيَ ركوب الدواب؛ لأنه إنسان يركب على رَحْلٍ، والرحل على دابة أو سيارة أو نحوها، ركوب شيء على شيء يعني: عُلُوَّهُ واستواءه عليه، ومنه قوله تعالى: فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ يعني: في الإبل، فالتركيب: وضع شيء على شيء، إذا وضعت لبنة على لبنة فقد رَكَّبْتَ هذه على هذه، أو ما أشبهها.
التركيب في الاصطلاح: ما تَرَكَّبَ من كلمتين فصاعدًا، أفاد أولم يفد، يعني: الكلمات التي تتعاقب، ويكون بعضها فوق بعض، وأقلها كلمتان، لفظتان.
والكلمة عند النحويين: قَوْلٌ مفرد، وعند العرب: جُمْلَةٌ من الكلام لها معنى، فاللفظة التي أرادها النحويون هي: اللَّفْظَةُ التي تُكْتَبُ مُتَمَيِّزَةً عن غيرها، فإذا قلنا مثلًا: دَخَلَ رجلٌ، فإنها كلمتان؛ ولهذا تكتب (دَخَلَ) منفردةً عن (رَجَل)، ولا تُلْصَقُ اللام في الراء؛ لأن هذه كلمة وهذه كلمة، فهذا تركيب، أوْ مثلا: إذا قلنا: حَفِظَ جُزْءًا مِنَ الْقُرْآنِ، هذه أربع كلمات، (حفظ) الظاء لا تلتصق بالجيم في (جزءا) فدل على أن كل واحدة منهما كلمة، فإذا كان اللفظ متركبا من كلمتين فإنه مركب، هذا هو التركيب.