جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
شرح كتاب الآجرومية
133565 مشاهدة print word pdf
line-top
العلامة الثالثة: الألف واللام

...............................................................................


وأما دخول الألف واللام، فهو أيضا من علامات الاسم، الألف واللام تسمى: لام التعريف، تدخل على الاسم، وتُكْسِبُهُ تعريفًا، إذا كان بدونها منكرا، وهذا يكون في اسم الجنس، عندما تجدون مثلا مكتوبًا على المصاحف: القرآن الكريم ( أل) هذه الألف واللام، القرآن دل على أنه اسم.
ومثلا تقول: هذا المسجد واسعٌ، المسجد دخلت عليه الألف واللام، وتعرفون أنها تنقسم إلى لام شمسية، ولام قمرية، واللام الشمسية: هي كونها تُقْلَبُ من جنس الحرف الأول من الكلمة، وَتُشَدَّدُ في ذلك الحرف، يصير ذلك الحرف مشددًا، ولكن مع ذلك الكتابة باقية، كتابة الألف واللام باقية ولو لم ينطق بها، وسميت شمسية لأنها من جنس اللام والألف التي في الشمس، فإنك تقول: طلعت الشمس، إذا كتبتها تكتبها: الشمس، هذه الألف واللام لام شمسية.
كما تقول: جلست في الظل، تكتب الظل، هذه لام شمسية، وتقول -في الحديث- الطهور نصف الإيمان أو شطر الإيمان الطهور تكتب الطهور، هذه الألف واللام لام شمسية، علامة على أنها اسم ما تدخل إلا على الاسم.
وفي الحديث: الصدق طمأنينة الصدق: هذا اسم دخلت عليه هذه اللام الشمسية، وتقول: الضلال معصية، أو كفر، الضلال -بالضاد- هذه لام شمسية، كما تقول: السراج مضيء، السراج: لام شمسية، وتقول: الظهر وقتُ الزوالِ، الصلاةُ قائمةٌ، الظهر، الصلاة، الزوال، كلها لام شمسية، وهكذا إذا قلت مثلا: التبر والذهب والدُّرُّ مال نفيس، هذا أيضا لام شمسية، وإذا قلت: النعم كثيرة، النعم لام شمسية، وهكذا.
اللام القمرية هي التي تكون لاما يقرؤها اللسان، مثل قولك: الكفر ضد الإيمان، الكفر: لام قمرية، الإيمان: لام قمرية، إذا قلت: المسجد، البيت، الكعبة، الحرم، كلها لام قمرية؛ لأنها يقرؤها اللسان لاما.
والحاصل أن هذه اللام هي من علامات الاسم، تدخل على الاسم وتكسبه تعريفا، فإنك تفرق بين أن تقول مثلا: رجل، الرجل، رجل: مُنَكَّر، الرجل مُعَرَّف، جاء الرجل، وجاء رجل، جاء الرجل، وجاء رجل آخر، فالرجل الأول معروف، والرجل الآخر نَكِرَةٌ، أو قلت مثلا: مررت بالغلام، وغلام آخر، الغلام الأول معروف، والغلام الثاني نكرة، وغلام آخر؛ فهي تفيده التعريف، إلا في الأسماء التي تدخل عليها في كل حال.
هناك أسماء تدخل عليها الألف واللام، ولا تفيدها تعريفا: من الصحابة عباس ويسمى أيضا العباس و حسن ويسمى الحسن وكلها سواء: الحسن و حسن النعمان و نعمان الفضل و فضل يقال: هذا الفضل جاء، هذا فضل جاء، هذا عباس جاء، هذا العباس جاء، هذا نعمان جاء، هذا النعمان جاء الفضل الحارث وأشباه ذلك.
هذه الألف واللام لا تكسبه التعريف، ولكنه في الأصل معرفة؛ لكونه اسم علم، مثل زيد، وخالد، وبِشْر، وسعد وسعيد، أسماء أعلام معروفة عند المتكلم وعند المخاطب، لنكتف بهذا، والبقية العلامة الرابعة نأتي بها إن شاء الله فيما بعد.

line-bottom